الوفد
كامل عبد الفتاح
تأملات- تهمة ازدراء الإنسان..
تهمة «ازدراء الإنسان» يجب أن تلاحق كل من يمارس الارهاب ضد العقل والإبداع تحت شعار « ازدراء الأديان» وهي التهمة التي لاحقت وتلاحق الكثير من المفكرين والمبدعين لتخنق أي أمل في أن نتحول من أمة تعيش في الماضي إلي بلد ينطلق بثقة وحرية نحو المستقبل.. في كتابه الأساطير المؤسسية للإسلام السياسي ( الجزء الأول ص 33 ) يقول المؤلف والباحث الجاد صلاح سالم «غالباً ماتولد الأفكار نبيله وملهمة، تسقط علي عالم الناس كما تسقط الشمس علي الأرض، إلا أن اشرار البشر سرعان مايدركون نفعها، فيسعون إلى احتكارها، وتعيين انفسهم أوصياء عليها، وسطاء بين الناس وبينها، ولذا كانت ظاهرة الكهانة إحدى معضلات الوجود عبر التاريخ».
من هنا تصدمنا بين وقت وآخر تهمة ازدراء الأديان التي يوصم بها شاعر أو اديب أو مثقف أو باحث حاول الاجتهاد وبدلا من أن ينال أجرين على توفيقه أو أجراً واحداً على محاولته الاجتهاد يكون أجره بدلا من ذلك السجن وأحيانا القتل.. السؤال.. إذا كان من أهداف عقاب المجرمين إصلاحهم وتهذيب نفوسهم فهل سجن المثقف أو المبدع عقاب له علي جريمة التفكير والإبداع الهدف منه أن يقلع عن التفكير أو الابداع ويعود جاهلا أحمق؟ هل سجن من مارس حرية التأمل والتفكير والتعبير يكون بقصد تدريبه على احتقار التفكير وكراهية التنوير ؟ الحرية هي القيمة الكبرى في التاريخ الانساني والبوابة الوحيدة للإبداع والابتكار وإدراكنا لآدميتنا، وأكبر مصائب التاريخ أن يكون الفكر في خدمة الكهنوت أو تحت وصايته.
وبالعودة الي الباحث « صلاح سالم» والجزء الأول من كتابه ـ الأفكار المؤسسية للاسلام السياسي ـ نجده يصوغ افكارنا المبعثرة حول خطورة استبداد النقل بالعقل بقوله «إذا كان الإيمان الروحي هو أكثر الأفكار روعة وإلهاما في التاريخ الإنساني، فإن الكهانة الدينية التي قامت حول هذا الإيمان هي أكثر الأفكار قسوة وغطرسة في التاريخ نفسه..» هذا الكلام ألقي بي علي شواطئ الحيرة في بلدنا مصر التي يحلم أهلها بالخروج من عنق الأزمات منذ قرون، وثاروا علي سلطة الجمود عام 2011 وسمعوا ويسمعون الكثير عن أنفسهم وأجيالهم القادمة حتى 2030 و 2050 – وهذا حلم مستحق، ولكن الأحلام تظل حبيسة الصدور والأدراج ولايخرجها محلقة بأجنحة إلى فضاء المستقبل إلا جسارة التفكير وروعة الابداع ونبل المقاصد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف