محمد عبد العليم داوود
مجرد كلمة- وعندما.. تحدث «جنينة»
الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، فى عام 2003، وعقب انتهاء المستشار جودت الملط من إلقاء بيانه السنوى بالمجلس حول الحساب الختامى، والذى أعلن فيه الكثير من الجرائم المالية وإهدار مليارات الجنيهات.. أعلن حينها أن بيان «الملط» يُعتبر أقوى استجواب موجّه للحكومة؛ لما تضمنه من معلومات هامة، وبالفعل كان نواب المعارضة ينتظرون حضور المستشار جودت الملط لأن الجهاز المركزى للمحاسبات هو عين مجلس الشعب فيما يخص الدور الرقابى، وكانوا يعتمدون فى جزء من استجواباتهم على تقاريره سواء التى يعلنها رئيس الجهاز، أو الموجودة فى مكتبة المجلس لإطلاع النواب عليها فقط دون توزيعها بما يعد مخالفة. وكان رجال النظام يخفون تقارير أخرى عن مؤسسة الرئاسة وبعض المؤسسات الأخرى. وفى النهاية ضاق لصوص ومحتكرو الحزب الوطنى من «الملط»، فعزموا الأمر على التربص به، وتوجيه بعض النواب خاصة الذين تربوا على نظرة عين أو إشارة يد من سادتهم لإهانة رئيس الجهاز وتسفيه تقاريره.
ولكن اليوم لا يوجد برلمان، ورغم ذلك، وبمجرد أن يخرج المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز الحالى، بمصارحة الرأى العام بتقارير الجهاز التى أعدتها شُعب الجهاز، وهى نفسها الشعب التى كانت تعد فى الماضى التقارير، نفاجأ بأن البعض يقومون بتصويب أسلحة التهديد والوعيد لرجل مطلوب منه أن يعلن بكل صدق تقارير الجهاز على الرأى العام بعد أن تم وأدها، ووضعها فى نفس الثلاجة القديمة التى عفّنت من حجم التقارير سيئة السمعة التى تكشف عن حكم يتستر على الفساد ورجاله.. وليس بغريب أن تُغلق ملفات الفساد لمن نهبوا وسلبوا مال وأرض البلاد والعباد.. ومن هنا أقول لرئيس الجهاز: تحدث يا رجل، فإن ما تتحدث عنه من نهب وسلب هو حق الجوعى الذين سُرقت اللقمة من أفواههم ليعيش غيرهم فى رغد من العيش وقصور وشاليهات وأراض هى حق المريض الذى لا يجد الدواء.. تحدث يا رجل، فهى حقوق أطفال الشوارع، وساكنى المقابر من الأحياء، وحقوق العاطلين والأرامل واليتامى والعشوائيات وذوى الاحتياجات الخاصة.. تحدث يا رجل، فمهما بلغت الدنيا من طول وعرض فلن يتسع القبر عن متر.. تحدث يا رجل ولا تخشَ من نتنة ضمائرهم وقلوبهم قبل أن تنتن أجسادهم بما سرقوه وسلبوه.. تحدث يا رجل وأعلن لمصر من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها عن حقوقها المنهوبة والمسلوبة ولا تستثنِ أحداً، وأعلن على رؤوس الأشهاد عن حق الشعب فى ثرواته وأرض وطنه.. لا تترك عهداً ولا نظاماً رحل أو نظاماً قائماً إلا أن تقول كلمة الحق؛ فلن تعيش عمراً فوق عمرك، ولن تودع فى مكان إلا كان مكتوباً ومقدراً من عند أحكم الحاكمين، إن من يقذفون فى وجهك بالباطل، ويشوهون صورتك لأنك تقول كلمة حق يعجّلون بيوم لا نعرف له نهاية.. ولكن لا بد أن يكون للفساد حتماً نهاية.
ملاحظة: هذا المقال تم نشره منذ عامين.