عباس الطرابيلى
هموم مصرية- اللحوم.. علي بطاقة التموين!
قرأت خبراً ـ منذ أيام ـ يقول إن الدكتور خالد حنفي وزير التموين يدرس فكرة ضم اللحوم للمقررات التموينية.. يعني مع السكر والزيت والشاي والمكرونة والأرز.. وفول التدميس.. بالطبع لا ننسي نقاط الخبز.. وكروت البنزين التي لم تطبق..
وبطاقة التموين نشأت كفكرة أيام الحروب والأزمات. وعرفها شعبنا أكثر خلال الحرب العالمية الثانية.. تم خلال العدوان الثلاثي علي مصر.. وكانت الأسرة تصرف السلع الأساسية علي البطاقة مثل الدقيق والجاز «الكيروسين» بجانب الأرز والسكر والشاي والزيت.. وجاءت فترة أضفنا خلالها فول التدميس.. ورغم أن هذا النظام أنقذ المصريين كثيراً، إلا أننا مازلنا نتندر من مستوي جودة كل هذه المواد.. وبالذات شاي التموين الذي كان أكثره عبارة عن تراب شاي نستورده من كينيا.. ورحم الله الشاي الهندي أو السيلاني!!
أما أرز التموين، فكانت أمي ـ رحمها الله ـ تطبخه وتقدمه من السمك الصغير لما تربيه من بط ودجاج.. مع قشر البطيخ!!
<< وكان المصري يتقبل زيت التموين.. وينتظر كوبونات الجاز ولكنها لم تمنع الأسر من استخدام «الكانون»!! وكنا ننتظر الدقيق ـ حتي الأحمر منه ـ الاسترالي الذي أصاب المصريين بالأمراض الجلدية خلال الحرب العالمية الثانية! وكانت بطاقات التموين انقاذا للأسر البسيطة والفقيرة.. وخلال هذه الفترات عرفنا ـ أكثر ـ السوق السوداء لكل هذه السلع.. حتي ولو كانت مجرد «كيلة» فول تدميس.. أو نصف كيلة عدس أصفر. أما الدقيق فكانت الأسر تستعمله في صنع الشعرية البلدي لتضيفها علي «كسر الأرز» الذي كانت تصرفه.. علي البطاقة..
<< وجاء عصر الفراخ المستوردة.. أضافوها أيضاً علي البطاقة. وكذلك علب السمن الهولندي.. وحتي صابون الغسيل.. وأيضاً الاستحمام ولو كان من نوع شم النسيم.. أما صابون الغسيل فكان أبو الهول.. والصابون الأحمر وغيرهما.. وربح تجار هذه السلع أرباحاً طائلة ببيعها في السوق السوداء.
الآن يجيء عصر اللحوم.. وبعد أن وصل سعر الكيلو إلي مائة جنيه وأكثر للأصناف الطيبة ورحم الله الذين تجمعوا وهتفوا أمام مجلس الشعب عندما كان يرأسه المهندس سيد مرعي قائلين: سيد بيه.. ياسيد بيه، كيلو اللحمة بقي بجنيه!! الآن تجاوز المائة جنيه.. وغير متوفرة.
<< لذلك يفكر الوزير في اضافة اللحوم إلي البطاقة.. ولأنه مضطر لذلك فمن المؤكد أنها ستكون لحوماً مستوردة من البرازيل والأرجنتين إلي استراليا ونيوزيلندا.. عبوراً بالصومال وإثيوبيا والسودان وهي الأفضل وإلا فلا لحوم بالمرة.. أما لحوم فرنسا وشمال أوروبا فهي من نصيب الفنادق الكبري والمطاعم الشهيرة.. وبلاش تقاوحوا!!
المهم هل ستكون من مستوي «كسر الأرز القديم» يعني من الدرجات الدنيا.. أم من الأنواع الجيدة، والطيب منها يذهب خلسة للمطاعم والجزارين.. وكل من يدفع لجزاري الجمعيات.. ونضيف عليهم جزاري التموين المقترحين.. أم أن الوزارة ستتولي تجهيز هذه اللحوم ووضعها في أكياس حتي لا يعبث بها أصحاب النفوس الضعيفة.. تلك هي المشكلة.. وأعرف رجالاً يدخلون المجمعات.. ويتم تجهيز القطع الممتازة من الدبيحة لهم.. والحدق يفهم!!
<< وخبر الوزير يقول ان سعر لحوم التموين ستكون 37 جنيها للمجمدة.. وبين 50 و52 جنيها لكيلو اللحم الطازج.. والفرق يغري أي نفس فاسدة لكي تعبث. ولا حل هنا إلا أن تتولي الوزارة تجهيز الذبائح بمعرفتها.. وتكييسها.. لضمان عدالة التوزيع. ولكن ماذا عن هواة الأرانب.. وعشاق الحمام.. وراغبي النيفة.. والمناديل والطرب، وباقي حلويات المدبح.. والكوارع والفشة والممبار.. وياسلام علي المخاصي والجوهرة.. والعكاوي.. ولحمة الرأس؟! يا تري ستري طريقها أيضاً إلي.. بطاقة التموين.
<< حقيقي ربنا يكون في عون الحكومة.. تلاقيها منين.. ولا منين!!