بعض علامات الاستفهام والتعجُّب ظهرت فى الساعات الأخيرة بسبب اختفاء الهوجة السنوية الخاصة بـ«كدبة أبريل»، المتعجبون يسألون: كيف مر يوم 1 أبريل دون طوفان الأكاذيب والشائعات التى اعتدنا عليها فى السنوات الأخيرة؟
اطمئن، المصريون بخير، مسئولين ومواطنين، ما زالوا قادرين على الكذب وإطلاق الشائعات، لكنهم فقط يشعرون بحالة امتلاء، اكتفاء ذاتى من الكذب طوال أيام العام، نحن فى دوامة كذب متواصلة طوال العام، نكذب على أنفسنا أو تتعرّض نفوسنا لشحنات متواصلة من الكذب، الوزير أو المحافظ أو المسئول لا يترك أسبوعاً يمر عليه دون أن يُلقى على مسامع المواطنين كذبة تارة فى شكل وعد لا يُنفّذ، وتارة أخرى فى شكل تصريح وردى لم يحدث، أما المواطنون أنفسهم فهم دائمو ابتكار الشائعات والكذب، كل مواطن يبتكر كذبة تشوهّ خصمه السياسى، لا يمر يوم دون أن تنشر الصحف والمواقع كذبة أو أخباراً مغلوطة..
ملخص الحكاية يقول: «ليه تتعب نفسك فى ابتكار كذبة جديدة ونحن نعيش كل يوم ألف كذبة، كذبة تقول لك إن هشام جنينة تحت الإقامة الجبرية وأخدوا تليفونه، وكذبة تانية تقول لك شقق لمحدودى الدخل ويرفعوا مقدمها من 5 آلاف إلى 9 آلاف، وحكومة بتقول لك نرشّد استهلاك الطاقة، ونراعى المواطن الغلبان، فترفع قيمة فواتير الغاز والكهرباء، وفى الوقت نفسه تقول لك هنخفّض أسعار الغاز لمصانع رجال الأعمال».
بخلاف كل ما سبق تبقى كذبة أبريل الكبرى هذا العام هى كذبة دستورية علانية مجلس النواب، الدستور ينص فى مواده على علانية جلسات مجلس النواب، وحق الناس فى معرفة ما يدور داخلها، يتضح ذلك نصاً فى المادة 120، التى تقول: «جلسات مجلس النواب علنية. ويجوز انعقاد المجلس فى جلسة سرية، بناءً على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء، أو رئيس المجلس، أو 20 من أعضائه على الأقل، ثم يُقرر المجلس بأغلبية أعضائه ما إذا كانت المناقشة فى الموضوع المطروح أمامه تجرى فى جلسة علنية أو سرية».
إذاً الأصل فى جلسات مجلس النواب العلانية، وهذا لا يحدث، فى الأول تم سرقة هذا الحق مع بداية الجلسات الأولى تحت وطأة حماية صورة البرلمان والنواب من حالة الكوميديا والارتباك التى سيطرت على أعضائها، ثم تطور الأمر وتعرّض الصحفيون لمضايقات، وتم منعهم من تغطية الجلسات، ثم كان ذروة الكذبة فى يوم 1 أبريل، حينما نشرت الصحف والمواقع صوراً وأخباراً تؤكد وجود أجهزة تشويش داخل قاعة البرلمان، لقطع إرسال التليفون والإنترنت عن النواب والصحفيين خلال الجلسات العامة. وظهر أثرها فى آخر جلسة عامة، لما انقطع الإرسال، والصحفيين ماعرفوش يعملوا شغلهم.
المجلس كان لازم طبعاً يدافع عن نفسه ويا ريته ما دافع، ليه؟! أقول لك أنا، لأن السيد النائب سليمان وهدان، وكيل المجلس، لما جه ينفى أو لما «جه يكحلها عماها»، وقال لك: «ليس لدىّ خلفية بشأن وجود أجهزة تشويش»، وكيل المجلس ماعندوش خلفية طب المفروض نسأل مين؟!.
نسأل النواب، ويا ريتنا ما سألنا النواب، لأن كذبة علانية الجلسات بقت أبوخ لما قال خالد يوسف إنه ده أمر مرفوض ولا بد من التراجع عنه. وقال يوسف القعيد إن تغطية الصحفيين خدمة للبرلمان، ولا يجوز التشويش عليهم. وقال النائب أحمد بدوى: فوجئنا بانقطاع الإرسال دون معرفة السبب، ومحدش أخد رأينا فى وضع أجهزة تشويش.
شفت بقى حلاوة مجلسك وهو مرتبك وتصريحاته متضاربة، وشفت حلاوة نوابك وهمّ مش عارفين إيه بيحصل جوه القاعة بتاعتهم.. عاوز بقى انت كدبة فى أول أبريل أحلى من كدبة مجلس النواب، ومادة الدستور بتاعة علانية الجلسات.. ماعتقدش.. ماتتعبش نفسك فى التأليف، الكذبة إحنا عايشينها جاهزة.