عباس الطرابيلى
هموم مصرية- الملاجئ.. في يوم اليتيم!
ومصر الآن تتحدث عن يوم اليتيم.. نتساءل: لماذا اختفت ملاجئ الأيتام أو كادت.. حتي انطلق الأيتام في الشوارع.. ينامون تحت الكباري، أو في علب الكارتون.. أو في ظلال جدار متهدم.. حقاً: لماذا اختفت دور الأيتام وملاجئ الفتيات.. ودور رعاية الأطفال.. أقول ذلك وقد كان في كل مدينة ملجأ، أو حتي أكثر، يوفر المأوي والملبس والمأكل.. بل والتعليم دائماً. وما نراه الآن- في شوارع مصر كلها- إلا تعبير عن غياب هذه الدور والملاجئ، تستوعب أطفال الشوارع.. والعشوائيات وما أكثرهم وما أكثرها، في كل مدن مصر.
<< وكان الكل يتسابق في إنشاء هذه الملاجئ.. الدولة.. ورجال المال والأعمال.. وليس هذا فقط، كما تقول أفلامنا القديمة، بل في الأحياء والشوارع.. وكان هذا تنفيذاً لحديث رسولنا الكريم عن كفالة اليتيم.. ومازلت أتذكر محمد حسن العبد باشا- رجل المقاولات الذي أقام ملجأ للأيتام في فارسكور- بلدته علي الطريق العام.. والطريف ان الحكومة بعد ثورة يوليو استولت علي نصف هذا الملجأ وحولته إلي مقر للحزب الوطني.. وأهملت النصف الثاني!
كذلك كانت أميرات العائلة الملكية يتسابقن في عمل الخير.. وكن يساهمن في بناء المدارس، ومنهن من قدمت قصورها للشعب مثل الأميرة «فوقية» كريمة الملك فؤاد الأول- من زوجته الأولي «شويكار» التي قدمت قصرها بشارع «مراد» بالجيزة ليصبح مقراً لمدرسة الأورمان الثانوية للبنات.. وقصراً آخر قدمته ليصبح ملجأ وبيتاً للفتيات في العجوزة بكل ما حوله من حدائق مثمرة، استولت عليه وعليها الدولة وأقامت علي حدائقه مقر وزارة التضامن الاجتماعي- من عمارتين شاهقتين بشارع «المراغي» بالعجوزة.
<< وبسبب «تقصير الدولة» في إقامة هذه الملاجئ.. انتشر أطفال الشوارع واليتامي في شوارعنا.. وهل هم متسربون من التعليم.. يبيعون المناديل- أو يتسولون بها- أو يشمون الكُلة والبنزين.. أو يمسكون فوطة صفراء لتلميع زجاج السيارات، في إشارات المرور!؟
هنا يأتي دور رجال المال والأعمال الحاليين.. وهل هم أقل وطنية من رجال زمان الذين أقاموا مستشفيات ضخمة.. وجهزوها.. وقدموها هدية للشعب.. فلماذا لا يتولي رجال المال الآن إنشاء العديد من الملاجئ للفتيات والصبيان، لإنقاذ الكل من معاناة النوم في الشوارع؟
<< وربما أتذكر هنا الفنان محمد ثروت الذي أقام مشروعاً متكاملاً في محافظة الغربية يضم دوراً لإيواء اليتامي والمشردين، وتوفر لهم المأكل والملبس والمسكن.. والتعليم أيضاً.. تري.. ماذا يقدم كبار الفنانين الذين يربحون- كل عام- ملايين الجنيهات.. وهم مهما سددوا حق الدولة عليهم، من الضرائب.. إلا أين الدور الاجتماعي لكل هؤلاء الفنانين في هذا المجال الاجتماعي.. ولا نذكرهم هنا، فإن كل نفقاتهم هنا، سوف يتم خصمها مما عليهم من ضرائب.
<< إن الدولة- وحدها- مهما كانت شديدة الثراء لا تستطيع أن تفعل كل شيء وحدها.. بل لابد من أيدي رجال المال والأعمال في هذا المجال. فهل نجد دوراً للأيتام وملاجئ تحمل أسماء مشاهير رجال المال والأعمال المصريين.. ألم يسمعوا عن بيل جيتس الذي تبرع بكل أمواله لأعمال الخير، وكذلك منافسه الثاني مستر «تافت».
تلك الأعمال هي التي تبقي لتحيي ذكراهم.. وتبقي سيرتهم علي لسان الناس.. أليس ألفريد نوبل هو الذي اكتشف الديناميت ولكنه أراد أن يكفر عن اكتشافه.. فنظم أكبر جوائز يتذكرها العالم هي جوائز «نوبل».
<< ويا أغنياء مصر.. مصر وكل اليتامي وأطفال الشوارع.. ينتظرون منكم الكثير.