محمد جبريل
ع البحري - الجنسية.. مصري
لعل إسرائيل هي أولي دول العالم في ازدواجية جنسية مواطنيها.. قلة من اليهود تمتد أصولهم القريبة إلي أبوين. أو جدين. من دولة إسرائيل.
ثمة الوافدون من خارج المنطقة العربية. ينطقون بلغات مختلفة. ليس من بينها العبرية. فهم يضطرون ـ عند إقامتهم في إسرائيل ـ إلي تعلم العبرية. بالإضافة ـ طبعاً ـ إلي يهود الأقطار العربية الذين سافروا إلي حلم الدولة اليهودية. باختيارهم. أو بضغط العصابات الصهيونية التي هددت باغتيال من رفضوا ترك مدنهم وقراهم ومؤسساتهم وحيث يعملون. يتمتعون بالأمن والاستقرار في أرجاء الوطن العربي.
الولايات المتحدة تأتي في الترتيب الثاني بين الدول التي يحمل الكثير من مواطنيها جوازات سفر مزدوجة. السبب ـ كما نعلم ـ أنها دولة مهاجرين. عمرها الحقيقي لا يعدو مئات من السنين. لا تجاوز أصابع اليد الواحدة. هي دولة مشابهة في ظروف إنشائها لظروف إنشاء دولة إسرائيل من حيث غزو أراضي الغير. وممارسة سياسة الإفتاء والمحو ضد المواطنين الأصليين. بدعوي أن فلسطين أرض بلا شعب!
المصري ـ عدا استثناءات قليلة. أفضت إليها سياسة الانفتاح الساداتي ـ لا يحمل سوي جنسيته المصرية. إنه ـ علي حد تعبير العقاد ـ قراري. أي مرتبط بالقرار. ويؤمن بأن البطيخة لا تكبر إلا في لبشتها. فهو لم يترك بلاده إلا بحثاً عن الرزق في بلاد الله خلق الله. شحت الأرزاق. واستأثرت بالثروات نسبة محدودة من المسحوبين علي الوطن. في حين دفعت ضراوة العيش غالبية المواطنين إلي محاولة تجاوز أوضاعهم المادية القاسية. وهاجرت أعداد إلي دول الخليج لطلب العمل. بينما سافر الأثرياء. أو سافر أبناؤهم. إلي دول الغرب. وأمضوا فيها أوقاتاً حصلوا خلالها علي جنسية البلاد التي أقاموا فيها. ثم عادوا. أو عاد أبناؤهم. وفي حوزتهم جوازات سفر مصرية وأجنبية!
لا أعترض علي الحكم الذي يسمح لحاملي الجنسية المزدوجة بدخول الانتخابات النيابية. فالديمقراطية تفرض الموافقة حتي علي من يختلفون في الرأي. أشير ـ فحسب ـ إلي الطبيعة الخاصة لبلادنا. ولمواطنيها بالتالي.
ولاء المصري لوطنه الذي عاش فيه. وعاني تغيرات أحواله. وجعل منه نموذجاً فريداً في قيمة الوطن.
مصر وطن المصريين. لا يعرفون وطناً غيرها. من بناها "كان في الأصل حلواني". وهي "أم الدنيا". ومحروسة بآل البيت. وتعبيرات أخري تضعها في المقدمة بين بلاد العالم.