الوطن
نشوى الحوفى
بين التمويل والتمويل
بينما تطرح الحكومة المصرية برنامجها الساعى لخفض عجز الموازنة ومعدلات البطالة ورفع نسب النمو وتحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين فيما يقدم لهم من خدمات والحفاظ على الأمن القومى بكل ما تعنيه الكلمة، نتساءل نحن عن مصادر تمويل كل تلك الأمور بعيداً عن الاقتراض الذى أنهكنا فى ظل حالة اقتصادية عسيرة تلعب فيها السياسة الدولية نحونا دوراً لا يمكن إغفاله، كما يلعب فيها فساد البعض منا وبيروقراطية البعض الآخر دوراً لا يستهان به.

نعم لدينا طموحات للخروج من مرحلة قاسية تتطلب، كما قال رئيس الوزراء، قرارات مؤلمة علينا تحملها للعبور بوطن -تأخر تطويره- وبـ90 مليون نسمة لا تتجاوز نسبة من يجرّون عربة الوطن فيهم 10% على أفضل الأحوال. ولذا لا نحتاج لقرارات سنعانى منها وحسب، ولكننا بحاجة لحلول تطرح على المدى البعيد الأمل فى تحقيق التنمية المستدامة. ولذا فعلينا جميعاً كمواطنين أياً كان موقعنا من المسئولية.

هنا نتوقف مع التعديل الوزارى الأخير الذى جاء بتغيير المجموعة الاقتصادية -التى أدعو ربى ألا يسيطر عليها كهنة المؤسسات والوزارات من الفشلة أو الفاسدين- أتحدث عن وزيرة الاستثمار داليا خورشيد التى تحمل سيرتها الذاتية نجاحاً فيما تولته من مناصب سواء فى القطاع المصرفى كنائب رئيس بنك أو فى إدارة الشركات وإنجاح سياساتها الاستثمارية كشركة «أوراسكوم». هناك أيضاً وزير المالية عمرو الجارحى العضو المنتدب للعديد من شركات المال والبنوك الخاصة. ووزير السياحة محمد يحيى راشد بكل ما لديه من خبرة فندقية عالمية وقدرات تسويقية منحته إياها خبراته فى إدارة شركات سياحية ناجحة. أضف إلى هؤلاء وزير قطاع الأعمال أشرف الشرقاوى القادم لمراجعة وضبط وإعادة توجيه ملف شركات القطاع العام بكل ما لديه من خبرات فى عالم سوق المال. نعم سيكون على هذه الأسماء فى ظل الحكومة الجديدة توفير موارد حقيقية لحل أزمة التمويل لتفاصيل برنامج الحكومة الاقتصادى بقوة وثبات وثقة ودون خوف من المزايدين فى الداخل أو الخارج. لقد قرأت تعليقات أشرف العربى، وزير التخطيط، فى اجتماعات اللجنة الاقتصادية فى مجلس النواب وكيف أن 1% نمواً يخلق 150 ألف فرصة عمل بينما تسعى الحكومة لنسبة نمو 5%، وهو ما يعنى 750 ألف فرصة عمل. ولكن هذا النمو لن يتحقق فقط بقرارات الحكومة بل باستجابة المواطن وتفهمه وتغيير نمط استهلاكه وزيادة معدلات الادخار لديه ومحاربة الفساد أياً كان موقعه.

فى ظل كل هذا أتعجب من فتح ملف التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى من قبَل الولايات المتحدة ورسلها من السياسيين ونواب الكونجرس والشخصيات العامة التى زارت القاهرة مؤخراً والتقيت ببعضهم. يتحدثون عن دور العمل المدنى فى تحقيق تطور المجتمع دون أن يذكروا ملمحاً واحداً ساهمت فيه ملايين دولاراتهم. قال أحدهم فى الحوار المصرى الأمريكى الأخير إن الولايات المتحدة أنفقت ما يقرب من 250 مليون دولار فى العام 2005 بحسن نية على تلك الجمعيات لدعم العمل الديمقراطى، ثم دفعت 65 مليون دولار فى العام 2011 لدعم خطوات الثورة المصرية. فما كان منى إلا أن علقت بأن الطريق لجهنم مفروش بالنوايا الحسنة وأن عليهم منحنا إجابة عما تم فعله بهذه الأموال التى لا نعرف أين أُنفقت وعلى من؟ ثم كان السؤال الأهم لماذا تقتصر حقوق الإنسان لديهم على السياسة فقط؟ أليس التعليم والصحة والسكن والتشغيل حقوقاً إنسانية، فلماذا لا يمولوننا فى تطويرها؟

قد تتساءلون ما الرابط بين القضيتين؟ وأجيبكم بأن بحثهم عن اختراقنا بالتمويل لبعض من عملائهم يرتبط جزء منه بإعاقة تقدمنا على المستوى الاقتصادى فليس من صالحهم أن نحقق استقلالاً اقتصادياً يمنحنا حرية القرار. ولذا فليس لدينا رفاهية الخطأ.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف