كان فهمى ينام فجراً، عندما يستيقظ طارق. ويستيقظ ظهراً عندما ينام مختار. كانت لقاءات الإخوة الثلاثة تتم عند تناول وجبة الغداء فقط فى معظم الأحيان. تجمعهم رابطة المكان أكثر مما تجمعهم رابطة الأخوة. ينتمون رسمياً إلى أسرة واحدة هى أسرة على فهمى، ولكن كان كل واحد منهم دولة فى ذاته!.
- مختار (ضاحكاً): أما زلت نائماً يا فهمى حتى الآن؟!.
- طارق: نعم ما زال نائماً. أنى له أن يستيقظ وهو يسهر حتى الفجر، يدخن السجائر وأشياء أخرى؟!.
- فهمى (إلى طارق): كل يوم توقظنى على هذا الفرح.. الفرح يا طارق يستوجب «النقوط».. «نقطنا» ورحمة السيد الوالد بـ«سكاتك».
- طارق: يا فهمى السجائر ستضرك. غير أنها محرمة.. غريبة!.. ألا تعلم ذلك؟!.
- فهمى: عارف يا شيخ طارق، ولكن السجائر كما تضر الجسم تريح النفس. فيها ضرر للجسم، ومنافع للنفس.. شأنها شأن أى شىء فى الوجود!.
- طارق: أى متعة نفسية تجدها فى السجائر؟!.
- فهمى: إرضاء نفسى!.. (يستطرد ضاحكاً بشكل تمثيلى): كلنا عليم بكأسه يا شيخ!.
- طارق: إنك تسفسط ويزين لك الشيطان سوء عملك.
- فهمى: أوه! هل وصل التدخين إلى مرتبة سوء العمل؟!. يا طارق يا أخى إننى أذكر عبارة قالها «برنارد شو» أو لست أدرى من؟ تقول: كم يحتاج إنسان هذا العصر أن يفعل مثلما كان يصنع محمد فى غار حراء، فيحل مشاكل العالم، وهو يحتسى فنجاناً من القهوة ويدخن سيجاراً!.
- طارق (غاضباً): يعلم الله أين ستحشر أنت والبرنارد هذا؟!.
- مختار: يكفى ذلك يا جماعة نريد أن نتغدى.
- طارق: والله أمرك غريب يا مختار!، لماذا لا تشترك معنا فى الحوار؟. أليس لك رأى؟ لماذا لا توجه نصحاً إلى أخيك. ربما يسمع منك؟!.
- مختار: إننى لا أستطيع أن أفعل معه شيئاً.. أصعب شىء فى الدنيا أن تقنع الغوغاء. المنطق الغوغائى له سحره.
- فهمى (ساخراً): والله يا طارق.. أخوك يفهمنى أكثر منك.. إننى أتحدث بلسان الشعب. والله أصلح زعيماً سياسياً. إننى أستطيع إقناع الناس أكثر منك يا شيخ طارق.
- مختار: والله صحيح (يقولها مختار ويشرد).
صوت: «يا قوم إنكم تعلمون من هو عثمان. إنه ذو النورين. الرجل الذى تستحى منه الملائكة. الرجل الذى اشترى بئراً ووهبها للمسلمين. ألا تستحون من عثمان الذى كان يستحى منه رسول الله؟!.
صوت آخر: «إنه يحابى أقاربه. ينفذ وصية كبيره أبى سفيان بن حرب، بتعيين أقاربه ولاة وجباة. يقربهم إليه ليبعدوا الناس عنه ويبعدوه عن الناس. والمسلمون سواسية كأسنان المشط، كما قال رسول الإسلام. أعيدوا دولة الله يا جماعة المسلمين».
الصوت الأول: «دعوا الأمور تجرى بمقادير الله.. ما شاء الله كان.. وما لم يشأ لا يكون.. الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.. فلا تكونوا أول من يوقظها ويشعل نارها.. نار الفتنة حين تشتعل تأكل الجميع.. البار والفاجر.. الساكت والقائل.. الماشى والراكب.. الظالم والمظلوم.. لعن الله من أيقظها.. لعن الله من أيقظها!».