هناك أفلام تبقى فى الذاكرة طويلا، نتذكر مشاهد بعينها منها، ونحفظ جملة حوارية لامست قلوبنا ومشاعرنا، أو أقنعت عقولنا .من تلك النوعية يبرز فيلم مهم شاهدته منذ حوالى خمس سنوات ولا يزال يشغفنى ويحرضنى على معاودة مشاهدته أكثر من مرة .إنه فيلم «التجربة « أو « TheExperiment «. الذى شاهدته بالمصادفة . وهو فيلم أمريكي يطرح نفس أسئلتى ويحاول أن يجيب عنها من خلال فكرة رمزية..عبقرية .الفيلم بطولة النجمين العالميين: أدريان برودى وفوريست ويتكر.
كثيرا ما راودنى هذا السؤال : ما شعور السجان تجاه السجين ؟ ما الذى يدور فى أعماق كل منهما ؟هل هى علاقة يحكمها قانون الطبيعة الإنسانية والغريزة البشرية التى تدفع القوى لقهر الضعيف ؟هل هى علاقة استقواء واستعراض عضلات يمارسها الحارس ضد مسلوب الحرية؟ ألا تتخلل تلك العلاقة الإنسانية المعقدة لحظات تعاطف أو شفقة ؟
هل تفعل السلطة ذلك؟هل تحرك غريزة البقاء للأقوى وتبرر لصاحبها كل ممارسات البطش والقهر لغيره من بنى البشر؟
القصة تدور حول إعلان ينشره أحد مراكز الأبحاث يطلب أشخاصا لديهم استعداد للدخول فى تجربة نفسية فى ضاحية لمدة أسبوعين وهناك مكافأة مالية لمن ينجح فى إتمام التجربة حتى النهاية قدرها عشرة آلاف دولار.يتقدم مجموعة من الشباب لهذه المسابقة أو التجربة ،لكل منهم دافعه المختلف .معظمهم دخلها بدافع الحصول على المكافأة المالية ،وبعضهم بدافع الهروب من قصة حب يريد ألا يتورط أكثر فيها ، والبعض الآخر بدافع الفضول وحب التجربة فى ذاتها .
قسم منظمو التجربة المجموعة إلى قسمين عشوائيا ،القسم الأول سيصبحون سجناء فى زنازين متجاورة فى هذا المكان المعزول والقسم الثانى سيصبحون الحراس السجانين لزملائهم فى التجربة . وبدأت التجربة المثيرة عندما دخل جميع المتقدمين إلى المكان المعزول وبدأ منظمو التجربة يعطونهم التعليمات التى عليهم الالتزام بها طوال الأسبوعين القادمين.
أولا :ممنوع العنف بين أفراد التجربة وإلا فقدوا المكافأة وألغيت التجربة.
ثانيا:على الجميع الالتزام بقوانين التجربة وهى أن يتحول كل منهم إلى رقم ولا ذكر للأسماء وأن يأكل كل طعامه المقدم له مهما كان وأن يطيع الأوامر بلا نقاش . ويا هول ما أفصحت عنه التجربة !!!
تصاعدت الأحداث بصورة مبهرة، تحول زملاء التجربة وهم كلهم أشخاص عاديون ليسوا سجناء ولا سجانين .تحول الحراس فى أقل من ثلاثة أيام فقط إلى طغاة يمارسون أفظع أساليب التعذيب ضد زملائهم فى التجربة رغم أن هذا لم يطلب منهم، بل وكان من المحظورات التى عليهم تجنبها ! تحركت داخلهم غريزة القوة والسلطة فأذاقوا زملاءهم السجناء أبشع أنواع الظلم .
وتصاعد صراع القوى بين السجناء الافتراضيين والسجانين الافتراضيين أيضا حتى وصل إلى حد القتل ! قتل عدد من الأفراد الذين دخلوا التجربة بأيدى زملائهم، وهنا أوقف المنظمون التجربة قبل موعدها، بعد حوالى عشرة أيام من بدايتها منعا للمزيد من العنف البشع وحقنا للدماء .وصرفوا للكل من الباقين على قيد الحياة العشرة آلاف دولار التى وعدوهم بها .وكأنهم أرادوا أن يقولوا لهم « ماذا لو كسب الإنسان العالم وخسر نفسه ؟» !