التحرير
سامح عيد
الحلزونة ياما الحلزونة تحكم ميدان الحصري في 6 أكتوبر
استمر شعب أكتوبر قاطنون وعابرون في حيرة من أمرهم عدة أشهر في ظل حالة من الحراك في الشوارع وتطوير للميادين، فقد تم نكت ميادين أكتوبر الرئيسية وأهمها ميدان الحصري وميدان ماجدة، وصبر الأهالي انتظارًا لهذا التطوير المهم الخطير، وبعد تأكيدات محلب بسرعة الإنجاز للأجهزة المعنية، حتى فوجئنا بنتائج هذا التطوير الخطير الذي كان الغرض منه أن يحل مشكلة ميدان الحصري حلاً جذريًّا ونهائيًّا، بعلاج لا بمسكنات.




أطلقوا عليه مشروع تطوير الصورة البصرية والذهنية لميدان الحصري.



واستمر المواطنون في النوادي وعلى الكافيهات، يحاولون فهم أو تفسير تلك العبارة التي وضعت على يافطة كبيرة دون جدوى.

ولكن كانت المفاجأة، فقد ألغت الميدانين تماما الحصري وماجدة، وأصبح طريق ذهاب وطريق إياب، حاولنا الاستيضاح، حاولنا الفهم دون جدوى، حتى إن صديقي سأل أحد مهندسي الجهاز فقال له، لقد فوجئنا بما حدث مثلكم تمامًا، إزاي يافندم ده انتم الحكومة، فكان رده لقد كلفت شركة بالأمر المباشر وليس للجهاز أي دور، حتى إنه أوعز لصديقي بأنه جهة سيادية، هذا كان تفسير المهندس لصديقي.

هكذا ترك الأمر للتكهنات والهرتلات بسبب أن النظام لا يعير المواطن اهتمامًا ولا يفكر في الإيضاح والتفسير والإقناع.

رأيت فكرة الشوارع ذات الاتجاه الواحد في الإسكندرية في الإبراهيمية وفي عدد من الأماكن، ولكن تلك الشوارع ذات الاتجاه الواحد كانت ذات طبيعة خاصة، فهي صغيرة 8 أمتار تقريبا، عباره عن حارتين وفي أغلب الأحيان تكون إحدى الحارتين تم إشغالها بواسطة سيارات الساكنين، ولا تبقى إلا حارة واحدة، فيكون من الضروري تقسيم الشوارع بين الذهاب والإياب، حتى لا يحدث الاختناق، وربما رأيت هذا في ميدان الرماية، ولكن ميدان الرماية له طبيعة خاصة، يصب عليه شارعان من أكثر الشوارع ازدحاما في مصر على الإطلاق، الهرم وفيصل، بالإضافة إلى أنه بداية الطريق الصحراوي، والطريق إلى الفيوم وكذلك إلى طريق الواحات، وبه عدد كبير من الفنادق، ويستقبل الرحلات يوميا من بر مصر لزيارة الأهرامات، ويستقبل القادمين إلى دريم بارك والإنتاج الإعلامي، وتم تنفيذها وحققت نجاحا.

أما في أكتوبر تلك المدينة الجديدة، الذي يزيد سعة الشارعين الرئيسيين لأكثر من 40 مترا، وبها حارات هادئة على جانبي الطريق، فما مبرر ذلك لم يعلمنا أحد، هل كانت نتائجه إيجابية، كثير من الناس تعبر عن امتعاضها الراكبين والسائرين.

سألت السائقين الذين يجوبون القطر المصري من أوله لآخره، هل رأيتم هذا الأمر في القاهرة الكبرى، فنفوا ذلك تماما، حتى شارع فيصل والهرم الأكثر ازدحاما والأقل عرضا، لم يحدث بهما ذلك.

عدة مشكلات سنحاول توضيحها ونطلب الإجابة عليها:

أولاً: الشارع تم إزالة الجزيرة الوسطى بحيث أصبح 8 حارات، وعند نقطة معينة، تجد الرصيف ليقسم الطريق ويحدد اتجاهين، وهنا تحدث مشكلة، فسيارة في أقصى اليمين طريقها الحارة اليسرى، فيكسر بشكل حاد لليسار ليلتحق بحارته، وكذلك سيارة في أقصى اليسار، يكسر بشكل حاد في اتجاه اليمين ليلحق بحارته وطريقه، فتحدث عديد من الحوادث، أو على أقل تقدير الشتائم المتبادلة.

النقطة الثانية: عبور المشاة، فبعد أن كان هناك ميدان وإشارة، ذهبت الميادين وذهبت الإشارات، واتسعت الحارات، حتى أصبح على العابر للطريق أن يتابع 8 حارات وينتهز الفرصة السانحة لخلو الحارات الثمانية من السيارات، فانشغال حارة واحدة كفيل بإفساد مشروعه للعبور، وإذا سنحت الفرصة المناسبة فعليه العبور راكدًا بأقصى سرعته، فما بال كبار السن والعجائز، لم تعرهم الصورة الذهنية والبصرية أي اهتمام، لم أكن أتخيل أن الصورة الذهنية والبصرية الجديدة هي ازدراء المواطنين، والبقاء للأسرع، فعلى الأبطأ والممتلئ أن يكتب وصيته قبل أن يخرج إلى الشارع، ناهيك بإهدار لكرامة ووقار الرجال، وأنت تراهم يهرولون بأقصى سرعة للحفاظ على حياتهم كأنهم في مسابقة للعدو، وعليهم أن يقفوا في وضع الإستارت للانطلاق في اللحظة السانحة بسرعة العداء الجمايكي أوسيان بولت بطل العالم في العدو 9.58 ثانية للمائة متر أو العداءة الأمريكية فلورانس غريفيث جوينر بطلة المائة متر.



وخاصة أن أثمان الأرواح في مصر هي الأرخص على مستوى العالم، فقد كانت تدفع الدولة تعويضا مقداره 5 آلاف جنيه، وأصبحت الآن 15 ألف جنيه، لا تكفي لعلاج عقلة أصبع مكسورة في مصر، ولكن هذا هو تقدير الدولة للأرواح في مصر، وهذه الدولة اللي عاملة نفسها سلفية في حاجات حاجات، في ازرداء الأديان سلفية، وفي دية القتل الخطأ وهي 100 جمل بما يعني 2 مليون جنيه على الأقل، عاملة نفسها من بنها.

هل حدثت حوادث؟ الإجابة نعم، كثيرة وبعضها مميت، أعرف منهم حالتين من أبناء أصدقائنا، وعلى الأجهزة المعنية أن تقول المعلومات بدقة، وأن تخبرنا بعدد ضحايا الصورة الذهنية والبصرية الجديدة.

المشكلة الثالثة: أن المدينة كان ليها روحين، كان معظم المواطنين يلجأون إلى المحور التجاري المار على ميدان ماجدة، أثناء الخروج هربا من المحور المركزي حيث ميدان الحصري، وخاصة في مرحلة العودة، أصبحت المدينة الآن بروح واحدة، وأصبح لزاما على كل الخارجين من المدينة اضطراريا، أن يلجؤوا إلى المحور المركزي حيث جامع الحصري، وكثيرا ما تكون هناك جنازات تخرج من هذا المسجد، فيزداد الأمر بؤسا، فبدلاً من تخفيف العبء عن الحصري تمت مضاعفة رواده (ذكاء وفكاكة ماحصلتش) .

قاطنو مدينة أكتوبر حسب المعلومات 2 مليون مواطن والمستهدف 6 ملايين مواطن، هذا غير القادمين للتعليم وهم كثر بمئات الآلاف، خلاف المصانع، وهذه روادها أيضا بنفس الكثافة، هذا غير رواد مدينة الإنتاج الإعلامي الذين يضطرون إلى ميدان الحصري لتناول الطعام والاستراحة، بما أنها تساوي عدة دول خليجية مجتمعة.



المشكلة الرابعة: أن الداخلية وفرت الكام عسكري الغلبان التي كانت تضعهم في الميدانين، ووفرت الإشارات والكاميرات بلا وجع دماغ وتقف الميكروباصات والميني باص والتكاتك صف أول وتاني وتالت ورابع والبشر يتكدسون، والمروق أصبح عملية انتحارية.

المشكلة الخامسة: الحي السابع، فهذه هي الحلزونة بكل معانيها فإذا كنت قادما من شرق المدينة وذاهبا إلى الحي السابع فستتبع الحلزونة، فعليك أن تذهب لأقصى الشمال وتدخل المدينة من شمالها، وبعد ذلك عندما تقدم على دخول الحي السابع، تجد قسم الشرطة (قسم أول) قد أغلق الطريق المزدوج، فتضطر إلى الذهاب إلى الحي الثامن ودخول السابع بعد ذلك من جهة الغرب، أو تدخل في شوارع جانبية مضعضعة ومكسرة، ومليئة بالمطبات المصنوعة محليا (جهود ذاتية سلبية ومؤذية) فأصبح الحي السابع أشبه بمحمية طبيعية، رغم وجود عدد كبير من الخدمات بداخله مثل التأمين الصحي والنيابة الإدراية ونادي 6 اكتوبر ورواده كثر من خارج المدينة، هذا غير المدارس الحكومية والخاصة وعدد كبير من الخدمات الطبية من عيادات وصيدليات وشركات تجارية ومولات.

أفيدونا يا قوم، حد يفهمنا، حد يشرح لنا، حد يعبرنا، أما لو قررتم إنكم تسيبونا نهاتي، فيبدو أن حكومة شريف إسماعيل تحتاج إلى تبديل شعار برنامجها من نعم نستطيع (المسروق) إلى من أنتم (إنتاج ليبي) أو إنتو مين (مصري 100%).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف