الأخبار
عبد القادر شهيب
شيء من الأمل - للحكومة: رفقا بالناس!
هذا أمر من شأنه أن يوفر مناخاً مناسبا أو ملائما للحكومة ذاتها للمضي قدما في تحقيق ما تصبو إليه ناهيك عن تنفيذ برنامجها الاقتصادي الإصلاحي

من حق الحكومة أن تبحث عن حل لمشكلتها، التي تتمثل في زيادة عجز الموازنة الناجم عن زيادة النفقات عن الايرادات، وزيادة ديونها الداخلية الناجمة عن اتجاهها للاقتراض لتمويل عجز الموازنة.. ولكن من واجبها أن تبحث أيضا عن حل لمشكلة الناس مع ارتفاع الأسعار والتضخم الذي صار يلتهم جزءا من دخولهم الحقيقية، وبالتالي يسهم في انخفاض مستوي معيشتهم.
لقد أعلنت الحكومة في البرنامج الذي تقدم به رئيسها المهندس شريف اسماعيل للبرلمان انها تعتمد ما تسميه سياسة النمو الاحتوائي أو استهداف الفقراء وأنها تلتزم بمساندتهم ودعمهم ليس فقط لتخفيف أعباء ما تقوم به من إجراءات للإصلاح المالي والاقتصادي كما تقول، وإنما من أجل أن يحصلوا علي نصيب أكبر من النمو الاقتصادي الذي تستهدف الحكومة زيادته إلي معدل ٥٪ في العام.. وهذا أمر طيب تستحق الحكومة بالطبع ان تنال التحية عليه.. ولكن حتي يتم ذلك يظل الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة ومع تعهدات الحكومة يعانون بشدة الآن من انفلات الأسعار والتضخم الناجم عن عدة قرارات يأتي في مقدمتها زيادة أسعار المياه والكهرباء وتخفيض سعر الجنيه.. لقد قالت الحكومة إن معدل التضخم الآن وصل إلي ١١.٥٪ وأنها تنوي تخفيضه إلي ٩٪ في العام القادم.. ولكنها قالت ذلك قبل أن تحسب اثار إجراءاتها التصحيحة، سواء لأسعار بعض الخدمات أو لسعر الصرف للجنيه المصري.
إن الشكوي قد ارتفعت بها أصوات المستهلكين الآن، خاصة من أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة.. نعم لقد تعهدت الحكومة بأنها لن تسمح بانفلات الأسعار خاصة أسعار السلع الأساسية والغذائية.. لكن رغم ذلك الانفلات حدث بالفعل.. والارتفاع أصاب كل السلع الأساسية والغذائية ناهيك بالطبع عن السلع غير الغذائية.. حتي الخدمات التي لا علاقة لها بفواتير المياه والكهرباء وسعر صرف الجنيه المصري انتقلت إليها عدوي ارتفاع الأسعار.
أي مراقب موضوعي لأحوال أسواقنا سوف يدرك هذه الحقيقية: الأسعار زادت رغم تعهدات ووعود الحكومة بالسيطرة عليها، ورغم محاولات وزارة التموين بتوفير منافذ عدة للسلع الضرورية، ورغم اتفاقاتها الودية مع أصحاب السلاسل التجارية الكبيرة.. عدوي ارتفاع الأسعار أصابت كل السلع المتداولة في هذه الأسواق وأيضا الخدمات المختلفة وعلي رأسها خدمات الصيانة.
مع ارتفاع الأسعار يأتي معه دائما الشكوي والضيق والتملل الذي قد يتحول إلي غضب.. وهذا أمر من شأنه أن يوفر مناخاً مناسبا أو ملائما للحكومة ذاتها للمضي قدما في تحقيق ما تصبو إليه ناهيك عن تنفيذ برنامجها الاقتصادي الإصلاحي.. والحكومة الذكية يتعين عليها أن تقرأ الواقع جيدا قبل أن تخطو خطوة جديدة في طريقها حتي لا تتعثر تماما، خاصة وأن الحكومة الحالية والحكومة التي سبقتها كانت تنفق أساسا من الرصيد الشعبي للرئيس عبدالفتاح السيسي.. فهذا الرصيد هو الذي مكن حكومة محلب من تخفيض دعم الطاقة العام المالي السابق، وهو أيضا الذي مكن حكومة شريف من المضي في تخفيض هذا الدعم خلال العام المالي الحالي.. والمثل الشعبي يقول «إن كان حبيبك عسل لا تلعقه كله»!
وقراءة الواقع تلزم الحكومة بأن تحرص علي ألا تضغط علي الناس خلال الأيام المقبلة أكثر مما فعلت في الأيام السابقة.. عليها أن تضع في اعتبارها مشكلة الناس الأساسية، خاصة أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، ولا تكتفي بالنظر إلي مشكلتها فقط.. نعم من الضروري أن تجد الحكومة حلا لمشكلتها، مشكلة العجز في الموازنة، ولكن يجب أن تراعي وهي تحل مشكلتها ألا تضغط علي الناس أكثر من قدرتهم علي الاحتمال.. بل يجب وهي تنفذ حلولا لمشكلتها أن تبحث عن حلول لمشكلة الناس مع التضخم وارتفاع الأسعار.
علي الحكومة أن تكون أكثر رفقا بالناس، خاصة أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، أكرر والمتوسطة، منهم.. وهنا ربما كان من الضروري أن تراجع الحكومة خططها في تطبيق الضريبة المضافة.. فهذه الضريبة، رغم استثناء قائمة ليست صغيرة من السلع من تطبيقها عليها، سيكون لها تأثير تضخمي.. سوف يزيد معدل ارتفاع الأسعار والتضخم الذي تستهدف الحكومة السيطرة عليه بل وتخفيضه إلي ٩٪ خلال عام.
إن الحكومة تقول إن الوقت الراهن لا يصلح لزيادة ضرائب الدخل حرصا علي جذب استثمارات جديدة.. وذات المنطق ينطبق علي ضريبة المبيعات التي يحتاج تطبيقها لوقت يكون فيه معدل التضخم منخفضا أو علي الأقل تحت السيطرة.. باختيار التوقيت الملائم ضروري لنجاح أي خطط إصلاح مالي أو اقتصادي.. والوقت الحالي غير ملائم لتعرض أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة لمزيد من الأعباء، يكفيهم ما يتعرضون له الآن من أعباء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف