سليمان جودة
ما لا يصح من الوزراء الجدد العشرة!
أول شىء قام به عدد من الوزراء العشرة الجدد، الذين دخلوا الحكومة فى تعديلها الأخير، أنهم غيروا القيادات التى كانت تعمل مع الوزراء السابقين عليهم.. لقد فعلها وزير النقل، ومن بعده فعلتها وزيرة الاستثمار، ومن بعدهما فعله وزير المالية.. ولا نزال نرى ونتابع فى شتى الوزارات التى جاءها وزراء جُدد!
وبعضهم لم يتوقف عند حدود إجراء تغيير من هذا النوع، وإنما قرر إلغاء القرارات التى كان الوزير السابق عليه قد اتخذها فى أيامه الأخيرة، وكان المثال الأبرز على ذلك، هو الدكتور جلال سعيد، وزير النقل، الذى ألغى عدة قرارات مهمة كان الوزير الجيوشى قد اتخذها قبل رحيله عن الوزارة!
وعندما سُئل الوزير سعيد، قال بأن كل وزير له أفكاره التى تخصه!
ولو أن كل وزير قرر أن يكون قرار كهذا، هو أول قراراته عند دخول مكتبه، فإن لنا أن نتخيل الحال فى وزارات الدولة، مع كثرة عدد الوزراء الذين تعاقبوا عليها فيما بعد 25 يناير 2011!
لستُ بالطبع ضد أن يختار كل وزير الرجال الذين سوف يعملون معه، فهذا حقه، غير أن حقًا كهذا لابد أن يتقرر، بعد أن يتبين، أن الرجال الذين تركهم الوزير السابق ليسوا صالحين لأداء المهمات التى عليهم أن يؤدوها فى مواقعهم.. لا قبل ذلك بأى حال!
فهؤلاء الرجال هم فى كل الأحوال، وفى كل الوزارات، قيادات فنية، وليست سياسية، ولذلك، فالمعيار فى الإبقاء عليها، أو استبعادها، هو مدى قدرة كل قيادة فيها، على أن تكون منجزة فى موقعها.. ثم إن افتراض أن كل رجل، فى أى موقع، فى أى وزارة، على ولاء للوزير السابق، سوف يدمر فى النهاية بنية ومناخ العمل بوجه عام، وسوف يظل الوزير الجديد يفترض فى كل واحد منهم، سوء الظن، وسوء النية، حتى يتضح العكس.. وهذا لا يصح، ولا يجوز!
إننى أفترض أن ولاء قيادات وزارة المالية، على سبيل المثال، إنما هو للعمل.. والعمل وحده.. وليس للوزير هانى قدرى، ولا للوزير السابق عليه.. وإذا كان الوزير قدرى، قد جاء بهم، لأنهم كفاءات، وإذا كانوا قد أدوا معه، بشكل جيد، فالمفترض أنهم سوف يظلون كذلك، وأن ولاءهم للوزير الجديد، سوف يكون هو نفسه ولاؤهم للوزير السابق، ثم اللاحق أيضًا.
ثم إن لنا أن نتصور أمرًا آخر لا يقل أهمية عن كل ما سبق، وهو الوقت اللازم لأن يستوعب خلاله الوزير الجديد مهام عمله فى مكانه.. فإذا أضيف إلى الوقت اللازم له، وقت آخر لازم للذين سوف يأتى بهم ليعاونوه، فسوف تتعطل مصالح الناس قطعًا، وسوف يتعثر الأداء العام فى الوزارة ككل، وسوف يكون الأداء العام، على مستوى الدولة ليس هو الأداء الذى ينتظره المواطن فى أعقاب أى تعديل، بما يعنى أن المواطنين فى عمومهم، هم الذين سوف يدفعون الثمن!
من أطرف ما قيل، فى هذا الموضوع، أن الوزيرة داليا خورشيد وزيرة الاستثمار، قد غيرت سكرتارية الوزير أشرف سالمان، الذى سبقها فى الموقع نفسه، إيمانًا منها بأن تغيير «العتبة» مهم فى مثل هذه الحالة، جلبًا للفأل الحسن، أو سعيًا إليه!
والقصة بالطبع، ليست فى أن يغير الوزير الجديد عتبة مكتبه، أو حتى باب المكتب.. فليغير ما يشاء، ومن يشاء، على أن يراعى التغيير فى كل حالاته، الصالح العام للوزارة، ومن ورائها صالح البلد، لا أن يكون محكومًا بمزاج الأشخاص.