كمال الهلباوى
مشكلة التيار الإسلامى والحل المقترح (4-5)
الحلول المقترحة هنا، لأزمة أو لمشكلة التيار الاسلامى ليست فيما يسمى بالتصالح أو المصالحة أو تطبيق أى من المبادرات العديدة المطروحة، رغم أن فيها من المبادئ والاقتراحات ما هو مقبول، ويمكن أن يكون أساسًا فى حل الأزمة. معظم تلك المبادرات كانت فى الغالب تعبر عن وجهة نظر أقرب الى رؤية الاخوان والتيار الاسلامى فى أعقاب الأزمة ودعوى الشرعية، ولم يكن أى من الاخوان آنئذ قد انخرط فى العنف البين، أو أنها وجهات نظر لا تأخذ الأوضاع كلها فى الحسبان، فليست هذه المسألة معركة بين قبيلتين ولا أسرتين ولا قطرين، والمبادرات المطروحة لم تكن فى الغالب متوازنة، ولكن الحلول يجب أن تضع فى الحسبان أن هناك على الأرض إرهابًا وتهديدًا للوطن والمجتمع، وهذا غير مقبول على الإطلاق، سواء قام به الإخوان أوغيرهم من أى تيار. وعلى من قام بالعنف أو دعا إليه أن يتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك.
وللأسف الشديد، فان الإخوان أساسًا سيتحملون وحدهم، نتائج التحالف المشين، الذى عقدوه مع المتطرفين من الجماعات الأخرى وقادوه– تحالف دعم الشرعية، الذى ضم بالضرورة جماعات وقيادات عنيفة، ولايستطيع أحد أن يدافع عنهم فى أخطائهم ومنها جريمة التكفير، كما أن الاقتصار على الحل الأمنى فقط فى هذه المشكلة أوغيرها من المماثلات، يعنى استمرار الصراع بصورة أو بأخرى، وليس هذا حلًا للمشكلات العقدية والفكرية ولا التربوية ولا الاجتماعية ولا السلوكية، بل إنه يزيدها طينًا وبلةً.
لا يزال الأمر يحتاج الى مبادرة متوازنة جدًا وموضوعية، تضع مصلحة الوطن أولا وقبل كل شئ، وتبنى على العدل والانصاف فى ضوء الدستور والقوانين، أما من يحاكم اليوم أمام القضاء أو من كان مطلوبًا للمحاكمة واستطاع الهرب، فهم بيد العدالة. والعدالة للأسف الشديد فى مصر تنتظر الإصلاح فى بعض جوانبها، وليس أدل على ذلك من نموذج وزير العدل (المستشار أحمد الزند) نفسه أخيرًا.
لقد هاجمنى بعض الإعلاميين وبعض رجال القضاء وأساءوا فهمى، عندما قلت منذ سنتين إن فى القضاء فسادًا، وأن القضاء فى مصر يبدو كقضائين على الساحة العالمية، وأن هذا الفساد مهما كان ضئيلًا أسهم فى تشويه صورة مصر فى الخارج وفضحها فى العالم فى مجال حقوق الإنسان. وعندما قلت إن الإجراءات الجنائية يجب أن تتعدل فى ضوء الدستور الجديد، بل إن إعدامات المنيا (بالجملة) كانت إجراءات الحكم فيها مناقضة أو مخالفة لما جاء فى الدستور الجديد.
عندما أقول إن فى القضاء فسادًا، فهذا لا يعنى أبدًا أن القضاء كله فى مصر فاسد، ولا أى مؤسسة كاملة فاسدة، وعلى مصر وعلى المؤسسات أن تتخلص من الفساد الموجود سريعًا مهما كان ضئيلًا، حتى يعود قضاءً عادلًا بصورة كاملة.
الجانب الآخر فى الحلول المنصفة – فى ظنى -،يتمثل فى ضرورة تحقيق العدالة الناجزة على الجميع سواء بسواء، حتى يحتفظ الوطن بهيبته الداخلية والخارجية، ولا مجال لأن ينال منه أحد أو أن يتعرض لسوء من أحد، وخصوصًا من المتربصين وهم كثرة وأقوياء، وخصوصًا فى مجال تطبيق حقوق الانسان على المستوى العالمى وفق المعايير التى وافقت عليها مصر فى الاتفاقيات والمعاهدات المتعددة.