يقول سيادة اللواء: يعنى إحنا لو قتلناه هنرميه فى الشارع؟ طب ما ندفنه بالمرة وماحدش يعرف له سكة..
أرد على سيادة اللواء: طب ما تجيبوا اللى قتله يا فندم..
يرد منفعلاً: والله العظيم شغالين، وهنجيبه.
أقول له: بس المهم ما يكونش الموضوع زى شيماء الصباغ..
يزداد انفعاله: دى حاجة ودى حاجة.. وبعدين ما اللى قتل شيماء اتقدم للمحاكمة خلاص.
سألته: بعد إيه يا فندم..
رد: بعد شهور من التحقيقات المحترمة.
أسأله من جديد: وماذا حدث خلال هذه الفترة؟ أنا أذكرك.. نفى كامل بنفس طريقة النفى فى قضية ريجينى. فيديوهات مفبركة من صفحات تديرها الداخلية من الباطن لإلقاء التهمة على أى جهة بخلاف الداخلية. ضغط شعبى رهيب جعل رئيس الجمهورية نفسه يخرج ويقول إن شيماء (بنت مصر) وإنها (مثل ابنته) وإن من أخطأ سيحاسب، ثم يقوم وزير الداخلية ويقول: «تأكد يا فندم أن لو القاتل من عندنا هاخده بإيدى وأسلمه»، ثم فى النهاية اتضح أن القاتل فعلاً من عندكم.
يقول سيادة اللواء وقد بلغ انفعاله مداه: «يافندم إحنا مش قتلة. حتى قاتل شيماء كان (مش قصده)، ولم يخترها هى تحديداً وانطلقت الرصاصة خطأ منه».
أقاطعه: خطأ قتل نفس بغير حق، فكأنما قتل الناس جميعاً
يكمل: مش القصد.. إحنا لو بنطرمخ مانقدمش حد من عندنا للمحاكمة.. نخفيه.. ندارى عليه.. إنما إحنا بنشتغل بما يرضى الله وليس من مصلحتنا وجود فاسد أو خائن بين صفوفنا لأنه يسىء إلينا جميعاً..
أرد عليه: دعنا نتفق إذن يا سيادة اللواء.. الداخلية مسئولة عن قتل هذا الإيطالى.. لا أجزم بأنها قتلته، لكن أقول مسئولة عن قتله، ولكى تنفى مسئوليتها يجب أن تقدم القاتل وأدلة اتهامه المنطقية.
يستشيط غضباً: وهل يجب أن تعجبك الأدلة لكى تكون منطقية؟
أجيبه: لا يجب أن تعجبنى.. لكن يجب أن تحترم عقلية الإيطاليين، وترحم أباً وأماً مات ابنهما مقتولاً فى بلد يريد نظامه الأمنى تصوير الأمر على غير حقيقته، إما لعدم استطاعته التحقيق فى الأمر، أو لعدم استطاعته الاعتراف بضلوعه فيه، أو لفشله الكامل فى إثبات الحقيقة.
يقول اللواء: الحقيقة أننا مظلومون. الحقيقة أننا نقدم شهداءنا ليل نهار، بينما أنتم تجلدوننا بكلماتكم وأنتم تجلسون فى مكاتبكم ونحن نحميكم. أنتم فى مكاتبكم المكيفة وأولادنا على خط النار يحملون أكفانهم.. هذه هى الحقيقة.
أقول للواء: الحقيقة أننا (ناس لعينة يا أخى) لكننا لم نقتل «ريجينى» ولسنا مسئولين عن القبض على قتلته. الحقيقة أن الشهداء يلعنون كل من يسىء إليهم وينسى الناس ذكراهم بتصرفات غير مسئولة أو بتصريحات حمقاء. الحقيقة أنك إذا أردت الحقيقة يجب أن تضع نفسك مكان (دولة) صديقة، قتل لها أحد رعاياها فى دولة صديقة، وطلبت إلقاء القبض على الجناة، فخرج شاهد يذهب بالقصة فى مسار يوحى بأن الأمر كله (خناقة) بين القتيل وأحد أصدقائه ثم يتضح أن الشاهد كذاب (شكراً للنيابة المحترمة)، ثم تخرج رواية أخرى عن وجود (أشياء) تخص القتيل عند أهل (قتيل) آخر من عصابة (قتلتها) الشرطة فى اشتباكات.. طبيعى أن ترفض الروايتين. لا أريد أن أكمل لك الروايات التى يحاول البعض تسريبها من أن القتل كان بسبب (علاقات) لريجينى، فحتى ذلك الأمر يسربه البعض ولا أحد يثبته..
يقاطعنى سيادة اللواء هذه المرة: تلك الحقيقة من وجهة نظرك يا أستاذ.. الحقيقة ليست وجهة نظر. الحقيقة هى الحقيقة. الحقيقة لا يجب أن تعجبك لتقبلها، وفى نفس الوقت يجب أن تتعهد باحترامها حين تظهر. الحقيقة أننا كنا نتوقع أن تساندوا بلدكم فى قضية (ريجينى).. أنت لا تعلم الكواليس التى نعلمها. أنت لا تعلم من (روَّج) لأننا قتلناه بعدما كانت الأمور تسير فى مسارها الطبيعى، لا تعلم بأمر هؤلاء الذين ذهبوا وأحضروا أهله وأجروا لهم غسيل مخ ليقنعوهم بأننا قتلة، ثم خاطبوا الاتحاد الأوروبى ليروجوا أننا قتلة انتقاماً من النظام السياسى الذى يرفضونه وليس سعياً لأى حقيقة.. لم نقتل ريجينى يا أستاذ، ولسنا بهذا الغباء الذى يجعلنا نقتل شخصاً من بلد صديقة كان يزورنا يوم العثور على جثته وفد إيطالى لإتمام اتفاقات كبرى.. ساندونا لنظهر الحقيقة.
أختم معه: سنساند (بلدنا) التى نحلم بها، ولتظهروا الحقيقة التى تلجم ألسنة الجميع، لا تلك التى نستقبلها ونحن نستلقى على قفانا من الضحك الذى هو كالبكاء.. مصر تستحق الحقيقة.