الجمهورية
د. أحمد دراج
فساد البيروقراطية..الصرف الصحي نموذجاً "1"
تصاعدت الآمال في مستقبل الاستثمار إلي آفاق واعدة للاقتصاد المصري أثناء وعقب انتهاء مؤتمر مستقبل مصر الذي عقدت فعالياته بمنتجع شرم الشيخ 12- 15 مارس 2015 ومنح المؤتمر الاقتصادي المصري جرعة صحية من التفاؤل لم تتوفر له منذ بضع سنوات لأسباب بعضها داخلي وبعضها الآخر خارجي. أسبابه الخارجية تتلخص في حصار اقتصادي غير معلن من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية منها المانيا وتركيا أما اسبابه الداخلية فنتعرف عليها من خلال عمليات التقتيل والتفجير التي تشنها الجماعات الإرهابية التكفيرية الظهير الفعلي لجماعة الإخوان المجرمين ويقف معهم في الخندق نفسه اصحاب المصالح في مؤسسة الفساد بكل صوره الاداري والمالي والسياسي حيث يري كل فريق منها ان اللحظات الحرجة تشكل بيئة مواتية لاقتناص اكبر المكاسب وكما ان للنجاح قوة وطاقة دفع ايجابية ينبغي استثمارها لتحقيق نجاح آخر أكبر واشمل عليه ضريبة ينبغي الوفاء بها فإن روعة المؤتمر الاقتصادي فيما يحمله من رسائل تحدي واصرار علي العبور إلي الأمل والرخاء الذي يبعث الثقة في النفس من خلال مؤشرات الاستجابة الدولية الواسعة ودقة التنظيم والابهار التي كشفت عن قدرتنا اللامحدودة في التغلب علي المعوقات والصعاب التي تصادر رغبتنا العميقة في التنمية والعمل الجاد للخروج من نفق المعونات إلي سعة الرزق بالعرق والدم والجدية.
وأولي هذه العقبات التي ستواجه الاستثمار - في الواقع - هي اختلال البنية التحتية باعتبارها الهياكل المنظمة لتشغيل المجتمع وتحسين حياته فلا تنمية اقتصادية بدون بنية تحتية متطورة فالطرق والكباري وموارد المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات وغيرها ركائز للاستثمار وتنمية المجتمع ولذلك يمثل فساد البيروقراطية المستشري في مؤسسات الدولة خطرا داهما علي تحقيق بناء الوطن وتعميره فمازال فيروس الفساد يستنزف موارد الدولة المادية والمعنوية الاقتصادية والمالية والبشرية والاجتماعية دون رحمة ويصر علي الفساد - كما تعود - علي لعق آخر نقطة دم في جسد الوطن أما الخطر الثاني فهو حالة الاستنطاع الوظيفي في أداء العمل واتقانه باعتباره واجبا دينيا ورغم ان حكومة المهندس ابراهيم محلب قد أبلت بلاء حسنا في كثير من الملفات المطروحة إلا ان نجاحها لن يؤتي ثمرة ناضجة قبل سد منافذ الفساد بشتي صوره فالروتين الذي يمارسه العاملون في مؤسسات الدولة بسادية مفرطة لتعذيب اصحاب الحق من المواطنين في قري مصر سواء في الدلتا أو الصعيد يهدر أي جهد مهما عظم شأنه وحسنت نواياه فالتلكؤ والمحسوبية سمات اداء وظيفي مرضي طال حتي بعض المؤسسات الرقابية وبلغ الاستهتار مداه باستخدام حيل البيروقراطية القاتلة في التسويف والتأجيل وطلب الرشي أو التهاون في مواجهتها فالبيروقراطية القاتلة ستظل خنجرا في ظهر الدولة لأنها تقتل الأمل في حياة آدمية كريمة وتحبط العمل بالجهود الذاتية للمواطن البسيط وتقاوم أي رغبة في المشاركة المجتمعية في بناء الوطن وتحاصر الرغبة الإنسانية لتحقيق الذات واداء الواجب الوظيفي والمساهمة في العمل التطوعي فهي أذن مصدر شتي الوان الفساد الاداري والسياسي والمالي.
صحيح ان هذا السلوك البيروقراطي اللعين لا تنجو منه مؤسسة واحدة من مؤسسات الدولة كالتعليم والصحة والخدمات بأنواعها ولذا ارتأينا ان تسليط الضوء علي بعض المؤسسات التي تتصدر قائمة البيروقراطية المعيقة للانجاز قد يفيد في اجتثاث هذا المرض الاجتماعي الخبيث ومحاصرته تمهيدا لتجفيف مصادر نموه.. وهذا ما نستكمله في مقال الأسبوع القادم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف