عبد الرحمن فهمى
ذكريات - من الأفكار غير التقليدية
ومن من الأفكار غير التقليدية التي اقترحناها من زمان هو تحويل المدن الجامعية في فترة الصيف إلي فنادق رخيصة للغاية.. ليس لسائحي أوروبا وأمريكا فهذه قد تكون مرحلة قادمة ولكن تعالوا نبدأ بأهل بلدنا.. ماذا لو قضي فلاحو الصعيد الصيف في الاسكندرية مثلا أو بورسعيد.. ربما معظمهم ان لم يكن كلهم لم يروا البحر في حياتهم!! ماذا لو سافر أهل الأحياء الشعبية من الاسكندرية وما حولها مثلا إلي الصعيد وقضوا أياما واسابيع في الاقصر واسوان بل وفي الفيوم والمنيا مثلا.
معظم دول أوروبا تؤجر المدن الجامعية لشركات سياحة ومن الصعب ان تجد غرفة في أي مدينة في فرنسا مثلا أو ايطاليا وغيرهما.
تولدت هذه الفكرة عندي منذ سنوات طويلة عندما كان يسافر المرحوم عادل شريف في الصيف ليغطي مباريات التنس الدولية ايجار الغرفة في لندن وباريس بالذات بقروش!! من يصدق ان ايجار غرفة في مدينة جامعة باريس في الصيف 16 فرنكا فرنسي قبل اليورو عندما كان المرحوم عادل شريف يغطي بطولة رولان جاروس العالمية مبلغ 16 فرنكا هو ثمن بسكوتة جيلاتي علي رصيف شارع الشنزليزيه وهناك وجبات جاهزة رخيصة والحجرة نظيفة زي الفل.
خضنا هذه التجربة عام 1991 حينما نظمنا دورة الالعاب الافريقية ولم يكن الدكتور عبدالأحد جمال الدين قد بني قرية أولمبية وتسلم العمل الدكتور عبدالمنعم عمارة وكانت مشكلة.. أن يسكن لاعبو ولاعبات 42 دولة يمثلون اكثر من عشرين لعبة خلاف المدربين والاطباء والحكام والاداريين.. حلت المشكلة المدن الجامعية التي توصلت تجهيزها شركات سياحة بجوار كل فنادق ودور القوات المسلحة التي افرغت كل الفنادق والدور بل ومنحت البطولة شركة سياراتها بسائقيها المضبوطة مواعيدهم.. قام بهذه المهمة علي أكمل وجه اللواء سمير فرج مدير العلاقات العامة بالجيش في ذلك الوقت.
***
وزير التعليم العالي الوحيد الذي اقتنع بشدة بهذه الفكرة وبدأ في تنفيذها الدكتور حسين خالد استشاري الأورام العالمي وبدأ بالفعل يجتمع بوزير السياحة وبرؤساء شركات السياحة ولكن ظروف التغييرات الوزارية المتتالية أضاعت الفكرة.
***
بل هناك تجربة فريدة وحيدة عشناها في الستينيات في شارع أبوقير بالاسكندرية مدرسة اجنبية في حي الشاطبي بها قسم داخلي وحوش كبير كان المرحوم علي زيوار يستأجر من السيدة اليونانية صاحبة المدرسة القسم الداخلي والحوش ويعسكر فريق الأهلي لمدة شهر في هذه المدرسة ليقضي الصيف في جو الاسكندرية الجميل ولكي يأخذ اللاعبون حمامات الشمس وفائدتها للعظام وايضا السباحة ثم التمرين في الصباح الباكر وفي المساء!!
كانت السيدة اليونانية تسعد بهذا الايجار ليست لأنها أهلوية أبدا.. لأنه ايراد في الصيف بعد الدراسة ولأن المدرسة يتم نظافتها بدلا من العنكبوت في شهور الصيف.
***
من أهم فوائد هذه الفكرة غير التقليدية هي زيادة انتماء المصريين لبلدهم.. ربما تسعون في المائة من أهالي الصعيد لم يروا الأهرام وابوالهول ولا شواطيء اسكندرية وربما لم يروا أي بحر في حياتهم وفي المقابل تسعون في المائة من أهالي بحري لم يروا آثار الاقصر واسوان ربما ولا حتي علي الشاشة!! ثم فرحة ونزهة لهؤلاء الصابرين صبر أيوب.. ثم ترفيه عن اطفال وشباب خلال الاجازة لكي يؤدون العام الدراسي علي أكمل وجه.. وقبل هذا كله ستنصلح حال هذه المدن محل شكوي الجميع منذ سنوات!! ثم خلق ما يسمي السياحة الداخلية التي يعرفها كل العالم ما عدا مصر.. ما رأيكم دام فضلكم؟!