جمال عبد الناصر
الخطاب الديني بين الواقع والمأمول
بدأت اليوم الأربعاء فعاليات مؤتمر الفلسفة الإسلامية الدولي بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، حيث شغلت قضية الخطاب الديني الكثيرين، وراح البعض يهاجمون الإسلام ودعاتِه تحت عباءة تطوير الخطاب الديني وهم لا يريدون دينًا أصلاً ولا خطابًا دينيًّا، بل يبطنون العداء لهذا الدين ولمن حمل لواءَهُ من الدعاة والوعاظ والمفكرين والباحثين المختصين بالدعوة الإسلامية والفكر الإسلامي، وذلك بعد أن أعمل الإعلام سيفه في تشويه الرموز الدينية ومن يتزيَّون بزي الدين، فمرة نرى مدرس اللغة العربية والتربية الإسلامية يُعرض في الدراما بصورة هزلية وهو يحمل البط والبطيخ، ومرة نرى المأذون في عباءة الأزهر يعرض في صورة رجل يتفيهق بالكلام الفصيح كي يثير سخرية الناس منه.
واليوم يعاني العالم المعاصر إشكالية تتمثل في العنف، الذي يتجسد في صورة إرهابٍ دمويٍّ يتدثر بعباءة التدين، ويشمل الأنا والآخر على حدٍّ سواء، ولما كان هذا العنف قد تشكل على أساس فهم مغلوط لأصول الدين وقضاياه وأخلاقياته، ذلك الفهم الذي يتم بثه وتكريسه من خلال الخطاب الديني المعاصر؛ فقد كان لزامًا على قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم أن يتصدى لتلك الإشكالية لبيان وجه الحق والحقيقة في الخطاب الديني الأصيل، الذي يعكس رسالة السماء المتسامحة إلى أهل الأرض، والتي تبني ولا تهدم، وتجمع لا تفرق، وتنشر رسالة الحب والمحبة التي جعلتها السماء شرطًا للإيمان في مقابل خطاب الفهم المغلوط، خطاب التكفير والتفجير والتنفير؛ وذلك كي نتمكن من خلال خطاب التجديد أن نسير معًا نحو عالمٍ آمنٍ نعيش فيه معًا.
من هذا المنطلق كان لا بد لمراكز البحوث المعنية بالعلوم الإسلامية أن تدلي بدلوها وأن تتصدى لبحث قضية الخطاب الديني؛ ومن هنا وانطلاقًا من أهمية هذه القضية، يعتزم قسم الفلسفة الإسلامية بقلعة العلوم الإسلامية واللغة العربية كلية دار العلوم جامعة القاهرة عقْدَ مؤتمره الدولي التاسع عشر تحت عنوان "الخطاب الديني بين الواقع والمأمول"، وذلك بمشيئة الله يومي الأربعاء والخميس، 20-21 أبريل 2016م.
وتدور محاور المؤتمر حول: واقع الخطاب الديني المعاصر، ويشمل الخطاب الديني في المؤسسات الرسمية، وخطاب التكفير والإرهاب الحديث المعاصر، وخطاب التشدد والتزمت.
أما المحور الثاني فيتناول: مشكلات الخطاب الديني المعاصر، مثل: الانفصام بين الخطاب الديني والمستهدف به، وعدم مراعاة أسس السلام الاجتماعي الثلاثة في الأوطان (الدولة – المرأة - المواطنة)، والتجاوز الأخلاقي، وإشكالية المرجعية والمنهجية في الاستدلال والتوثيق والفهم المغلوط في الخطاب الديني المعاصر، و تخلي مؤسسات المجتمع المدني عن مسؤولياتها تجاه التجديد.
أما المحور الثالث فيدور حول ضوابط التجديد، مثل: تقنين الثابت والمتغير، وأهلية القائمين بالخطاب، ومكانة العقل في التجديد، والأخلاق والقيم الأخلاقية في الخطاب المجدد، والاجتهاد والفتوى وعلاقتهما بالخطاب الجديد، والربط بين العلم الحديث وقوانينه ومكتشفاته وبين الخطاب المعاصر.
أما المحور الرابع فيتحدث عن آليات التجديد ووسائله، مثل: الوثيقة الوطنية لتجديد الخطاب الديني، وتنقية الخطاب الديني المعاصر من رواسب: التعصب، والتكفير، والبذاءة، والمشكلات الزائفة، وما لا يحتاجه الإنسان المعاصر، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع الرسمية الكبرى في تطوير الخطاب الديني، والتعليم، والإعلام، والثقافة، وإبراز قيم التسامح والتعايش المناهضة للخطاب التكفيري والإرهاب والتشدد، والتمييز بين فئات المخاطبين وشرائحهم المستهدفة بالخطاب المجدد، والإعداد التربوي والمنهجي للقائمين على الخطاب، وتقديم البعد الأخلاقي في محتوى الخطاب المجدد.
ووجه الدكتور عبد الراضي عبد المحسن رئيس قسم الفلسفة ووكيل الكلية الدعوة للباحثين والمفكرين والإعلاميين من شتى دول العالم الإسلامي للمشاركة في المؤتمر بالبحوث والمداخلات والمناقشات.