تُنذِر مواقع التواصل على الإنترنت بثورة قادمة يقولون إنها لن تُبقِى ولن تذر، وإنها ساحقة ماحقة! وهو إنذار مخيف لا
يتوافق مع بشارة الثورة التى تبعث الأمل فى أوضاع أفضل.
فليكن! ومع التسليم بأن ما يلوِّحون به يُسمَّى ثورة، ودون المجادلة عن الشرعية الدستورية، فإنه بعد كل ثورة فى عالم اليوم، ينبغى الاحتكام إلى انتخابات عامة تتوافر فيها ضمانات لكى تكون نتائجُها تعبيراً عن إرادة الناخبين. وليس هناك من سبيل لهذا سوى الصندوق، ولا يُعتَدّ بمن كان الأعلى صوتاً فى الميدان. وكان هذا على وجه التحديد هو التحدى الذى لم يفلح فيه الثوار بعد يناير، ويونيو. الرقابة الداخلية والأجنبية على العملية الانتخابية مطلوبة لضمان النزاهة، ولكن الأهم تطوير مهارات التواصل الجماهيرى لكسب أصوات الناخبين بإدراك أن التصويت أهم البنود، ما دام أنهم ضد أن يتورطوا فى عمليات التزوير.
وكان بعضُ المخلصين قد أدركوا المأزقَ مما جعلهم يعترضون على مبدأ الإسراع بإجراء الانتخابات البرلمانية مباشرة بعد الإطاحة بحكم الإخوان، وأعلنوا تصورهم بأن تأجيل الانتخابات عاماً واحداً سيُعطى الثوار فرصة لتنظيم صفوفهم والتواصل مع الجماهير..إلخ. وللأسف، تبدّد أكثر من عام ولم يتحقق التواصل الذى كان منشوداً. ولا يمكن لأحد الآن أن يدّعِى أن أحوال أصحاب الفكر الثورى أفضل حالاً.
ماذا لو تحققت التنبؤات المتنافسة على الإنترنت على تحديد موعد أقرب للثورة المنذرة؟ ما هى الضمانة لديهم عن أن إعادة الفيلم من أوله مرة أخري، سوف تعود بفوائد على الفكر الثورى والواقع العملي؟ ودعْ عنك ما لا ينال اهتماماً عن استمرار المراحل الانتقالية بلا وصول إلى مرفأ ترتكن عليه البلاد خاصة فى مجالى السياسة والاقتصاد. وهو التوقع الخطير الذي، للغرابة، يغيب عن خطاب الكثيرين منهم، بلا كلام عن اضطراب الأمن العام الذى جرَّبت الجماهير التبعات المريرة لفقدانه، ولا تدمير مناخ الاستثمار ولا غير ذلك .
المفتَرَض أن تبدأ الإجراءات الرسمية لانتخابات الرئاسة المقبلة بعد أقل من عامين، وهى فترة تفى بالكاد لمرشح جاد ينافس على الفوز.