فى بداية السبعينيات كنت أذهب مع أصدقاء الشارع لحضور حفلات الماتينيه لفرقة "البيتي شاه" فى حدائق قصر المنتزه، الذى كان يسكنه الملك فاروق قبل ثورة يوليو، ثم سكنه الرئيس السادات بعد الثورة وموت عبد الناصر. أحيانًا كنت أزوغ من دفع التذكرة بأن يحملني أحد أصدقائي الكبار فوق ذلك السور القصير، المصنوع من الجريد، والذى كان يسوِّر الحفل. نقلة صغيرة، ولكنها كبيرة معنويا، وتكون فى المكان الرئيسي لتمثيل الجيل الجديد. بملء عيني أتأمل "صبحي بدير" مغني الفرقة، بذقنه وشعره الطويلين، واللذين لم يتخل عنهما سوى لفترات قليلة فى حياته، كما حدثنى بعد ذلك. كان يشبه "مانسون" زعيم الهيبيز. لم أكن أفهم معانى الأغاني: الإنجليزية أو الفرنسية وأحيانا الإسبانية والبرتغالية، ولكن رغمًا عن هذا كان هذا الغناء يعبر عنى بشكل ما. ليس كل ما يعبر عنا يجب أن يكون مفهوما. الإيقاع أحيانا هو ما يعبر عنا، الإيقاع الذى يضم بداخله المعنى الأبعد المصاحب لرعشة الجسم ومحيطه الأثيرى، المجال الحيوي والنشط الذى يتحرك فيه إنسان آخر، بجانب المعنى الأقرب للغة. إننا نسبح فوق إيقاع وليس فوق لغة.
فى نهاية السبعينيات رافقنا محمد نوح فى مسجل عربة صديق الجامعة خيرى عبد الغنى الـ127 الاسبور الصفراء. كان لشريط "لا تنسانا" فعل السحر فى جيل محبط ولكن يحتفظ فى جيوبه ببعض الأمل والسفر والحشيش والشِّعر والجَلد. انتشرت ظاهرة الفرق الغنائية بين بداية السبعينيات ونهايتها، ربما لترد على أشياء كثيرة، أهمها روح الفردية المتفشية فى المجتمع آنذاك، وأيضا كرد مباشر على التحول الاستهلاكي فى نمط حياة المجتمع والفرد بعد حرب 73.
ظللت متتبعًا محمد نوح حتى بداية الثمانينيات، عندما جاء فى حفلة باستاد الإسكندرية -الصالة الصغرى عام 82. على الرغم من حصولي على تذكرة مبكرة، فإننى لم أقدر على الدخول بسبب الزحام الشديد، وقد أغلقوا البوابات الحديدية، وظللنا بالخارج أنا ومئات المتحسرين. ظللت طوال الحفلة أحوم حول أسوار الاستاد، لأحوط مكان التمثيل لأحلامى.
فى الإسكندرية كانت توجد فِرَق صغيرة تغنى فى كازينوهات "لاكورتا"، "الشاطبى"، "الإبراهيمية"، وغيرها؛ المحاذية للبحر: "سوبر ستارز"، "الشاركز"، "الجوستس". أصحابها أيضا كانوا ملهمين لنا، ويتحركون وسط المدينة بعربات ذات ألوان مميزة، وموتوسيكلات وشعور مسدلة وقمصان مفتوحة مشجرة. ثم تكاثرت الفرق الخاصة لتمتد حتى نهاية الثمانينيات، فى لحظة انتقال هامة، ولكن بوجه عربى: "المصريين، النهار، طيبة، الأصدقاء، الجيتس وغيرها". فى بحثى عن هذه الظاهرة أجريت حوارين، فى عام 2010 يكشفان جزءًا من هذا المشهد غير الرسمى للغناء، فى أوساط الأجيال الجديدة؛ بعد هزيمة 67، حتى الثمانينيات، عبر موهبتين مؤثرتين: هانى شنودة مؤسس فرقة المصريين، وصبحى بدير مغنى فرقة البيتي شاه، والتينور المعروف، الذى كنت أرفعه أعلى كثيرًا من المنصة التى يقف عليها وهو يغنى مع الفريق. هذا الشكل من الإلهام الشخصي عاد بعد ثورة يناير إلهامًا جماعيا مسيَّسا.
هناك اسم غاب عن الساحة فى هذه الفترة وكم كان مؤثرًا، بشهادة الجميع، وهو إسماعيل الحكيم مؤسس فرقة "البلاك كوتس"، وابن الكاتب الكبير توفيق الحكيم. مات صغيرًا، فى الخامسة والثلاثين، ولم يترك شاهدًا عليه سوى حزن أصدقائه، وأسف والده عليه. كانت صورة إسماعيل الحكيم التى رسمها أبوه وبعض صوره الشخصية، تشبه قديسا برداء أسود، وشعر طويل، وملامح غير وسيمة، ولكن بروح محبطة، وبحيرة قاتلة، وبيأس ممض لا فكاك منه. ربما مثل قديسي روايات ديستوفسكى. لا أعرف سبب انجذابي لسيرته، ولصورته، ربما كنت أبحث عن صورة تلخص جيلا محبطا نزيها، يبحث عن "الخلاص". ربما كان فعل "الخلاص" هو مكان التمثيل النفسي والروحي لأجيال ما بعد حرب 73، كما كان مربع الجريد الذى يؤطر فرقة "البيتى شاه" فى قصر المنتزه هو المكان الذى يجب أن توجد فيه لتشعر بمعاصرتك، كونه المكان الممثل للجيل الجديد، ماديا ومعنويا.
فى يوم 8 ديسمبر من عام 77
حوار مع/ هاني شنودة
"فى بداية الستينيات كانت معظم الأوتيلات عندها نوادٍ ليلية، كل اللى كانوا بيلعبوا فيها خواجات. كنت باشتغل فى الوقت ده فى أوتيل سميراميس. سافر الجيتاريست والمغنية الأجنبية من غير ما يقولوا لحد. وده حصل فى أوتيلات كتير بعد قرارات التأميم سنة 61. طلب مني مدير "النايت كلوب" إنى أكوِّن فرقة. كان فيه قهوة اسمها (بوديجا) فى عماد الدين، دى كانت قهوة الموسيقيين الأجانب. رحت هناك أدوَّر على موسيقيين مصريين، مالقيتش. فابتديت أتصل بالناس اللى كانوا شايفين إن عندهم موهبة. كلهم بقوا نجوم دلوقتى: وجدى فرنسيس، صبحى بدير، صادق قلينى، وغيرهم. حب الغنا والموسيقى بس هو اللى كان بيجمَّعنا. ماكانش لينا أى علاقة بالسياسة".
"جمهورنا فى بداية السينيات كانوا كلهم خواجات. المصريون ابتدوا يحضروا حفلاتنا لما ابتدا منع الأسطوانات الأجنبية تخش مصر. من بداية سنة 65 الجمهور بقى كله مصري. الناس بطلت تجيب أسطوانات من أساسه بسبب الرقابة. إحنا شدِّينا الصنف ده من الناس. كنا بنهرَّب الأسطوانات زى البودرة عشان نلعبها فى حفلاتنا. كنا نسمع الأسطوانة فى الخفاء ونحفظها. المهم ابتدا كل المصريين يحضروا حفلاتنا اللى كنا بنغنى فيها بكل اللغات الأجنبية. جماهير مش هتتصور حجمها".
"فى أواخر الستينيات اتقابلت مع وجدي فرنسيس مؤسس فرقة الـ"بيتى شاه". كان بيلعب فى باخرة اسمها "ليلة" مع عمر خورشيد جيتار، وعمر خيرت درامز، وعزت أبو عوف. همّ دول أعضاء فرقة "البيتى شاه" الأساسيين. المهم عزت أبو عوف كان فى كلية الطب، ماكانش قادر يكمِّل مع الفرقة فى وقت الامتحانات. فاتصل بيّ وجدى فرنسيس عشان أشتغل معاهم".
"كان فيه مدير للفرقة اسمه "ناندو" أو فردناند جرجس أبيب، كان ضابطا فى الجيش وبيغنى حلو قوى، بس كل ما كان ييجي يغني الشرطة العسكرية ينزلوه من على المنصة. ناندو جاب عقد للفرقة فى فندق فلسطين فى الصيف عشان تلعب هناك. لما رحنا فوجئنا إن فرقة "البلاك كوتس" بتاعة إسماعيل الحكيم ليهم شعبية كبيرة وأرضية بت كلب. الفرقة كانت متكونة من إسماعيل الحكيم ومجدي الحسيني أورج، وشريف ظاظا درامز، ومجدى كفتة بيز جيتار".
"كان فيه منافسة جبارة مع "البلاك كوتس"، كنا بنعمل ماتينيه كل جمعة وحد. وبدأ التنافس ياخد شكل الأهلي والزمالك. واتعمل أوسكار الفرق الأجنبية. وضمينا عناصر جديدة، تيمور كوتة بيز، وصادق قليني غنا. المهم صادق قليني ماقعدش معانا كتير، فجِيبْنا صبحي بدير، كان ساعتها مخلص ليسيه فرانسيه".
"فى أول السبعينيات سِبْت "البيتى شاه" وعملت فرقة "إيه ون"، مع عز الدكروري، وده بيانست هايل، ودرامر سوري اسمه رياض، وابتدينا نلعب وناخد سوكسيه فى مكان اسمه "لاروند"، ده كان صاحبه ممثل اسمه " فتلة"، أو لطفي عبد الحميد، وده كان ممثل من نجوم برنامج "ساعة لقلبك". الراجل ده هو السبب فى نجومية محمد نوح وسمير الإسكندراني. الجمهور كان يرقص غربى على اللى احنا بنغنيه، بعدين ياخد استراحة عشان يتعشى، وبعدين يسمعوا محمد نوح بيغنى "مدد مدد شدى حيلك يا بلد". أول مرة أشوف حاجة بالشكل ده فى مصر. نوح، لا هو عبد الحليم ولا عبد الوهاب، ده بيزعق ويثير الحماس فى قلب الناس، ويغنى للقضية الفلسطينية، ولمصر. ده حاجة جديدة. لا طرب ولا غنا. كان حماسة فى حماسة فى حماسة. ابتدا نوح ينتشر انتشارا كبيرا جدا. كان له جاذبية وسحر وكاريزما بت كلب".
"مع فرقة الـ"بيتى شاه" اتعرَّفت بنجوم مصر، من أول شعراوى جمعة لحد نجيب محفوظ وعبد الحليم حافظ. عبد الحليم كان بييجى يقف جنبي وأنا باعزف على الأورج. مش هتصدقني، ما كنَّاش عارفين ده مين أوى. ما كنَّاش نعرف أوساط النجوم دى، لأننا كنا منعزلين فى اللى احنا بنعمله. وكمان ما كنَّاش بنتفرج على أفلام عربي. كانت الحاجات الأجنبي بتشدنا، وده خلانا نتطوَّر. اللى يعزل نفسه عن فن بلده يطوَّر بلده. المجد للشيطان، لأنه قال لا، دى قاعدة مهمة قوى فى الفن".
"كمال الطويل حاول يهزأ الفرقة فى برنامج تليفزيوني، وقال لي "أنا يا هانى بشُوفكم بتلعبوا وبلاقى الشباب قاعدين يشربوا سجاير ومناظر مش ولا بُد". قلت له "بيشربوا سجاير آه، بس ما فيش مناظر مش ولا بد.. دى أم كلثوم لما بتغنى بيحششوا". قعد يزعّق، والبرنامج اتلغى".
"الأستاذ نجيب محفوظ زار الفرقة فى إسكندرية عشان يكتب عنها. راح داخل في دخلة هجومية شوية، قال لي "إنتو إيه اللى بتعملوه، ده زوبعة فى فنجان". عرضت على نجيب محفوظ إنه يسمع الفرقة الأول وبعدين نتكلم. قعد وسط الشباب، لقى الشباب بيرقص تويست، ومش الفكرة إن الرقص الغربى إنك تمسك البنت وتحضنها وتقعد تبوس فيها زى ما همّ فاكرين. بعد ماخلصت اتكلمت معاه، كان مبسوطا وقال لى "إنت ما بتعملش أغانى عربي ليه؟". شرحت له وجهة نظرى فى الأغاني العربي. قام قال لي "طيب ما تعمل أغنية عربى صح". ودى البذرة اللى زرعها نجيب محفوظ عشان أعمل "فرقة المصريين بعد كده".
"فى الوقت ده عرّفني الأستاذ شوقى حجاب بعبد الرحيم منصور. شخصية مؤثرة من أول ماتشوفها يخش عليك بالتهليل والفرح، كأن فيه حاجة حصلت تستدعى إننا نقوم نتنطط ونزقطط. وفى الأصل مافيش حاجة. وعرفنى منصور بمحمد منير، وعملت له أغاني شريط "علموني عنيكى".
"فى الوقت ده عملت أول شريط لفرقة المصريين "باحبك لا". ده كان فى 8 ديسمبر عام 77. أعضاء الفرقة إيمان يونس مطربة، وممدوح قاسم مطرب وبيز جيتار، ده اللى كان بيقول بصوته "ما تحسبوش يا بنات إن الجواز راحة"، وتحسين يلمظ بيز جيتار ومغن، هانى الأزهرى درامز، وكان معانا عمر فتحى، وهو اللى غنى أغنية "فى يوم 8 ديسمبر من عام 77" و"باحبك لا".
"الفرقة حققت نجاحا غير عادى وكانت شرايطها بتتباع زى العيش السخن. بعد تجربة فرقة المصريين ابتديت أشوف العبقرية فى الغنا العربى، وأشوف الثقاقة العربية بمنظور تانى. بعدها لحنت لنجاة ولعدوية ولمحمد الحلو وعمرو دياب بطريقتى. زاوية الرؤية اتسعت. لازم تحب الجميع عشان تطلع بحاجة ماحدش طلع بيها قبل كده. اللى ما بيقدَّرش غيره، ما يقْدرش يعمل حاجة كويسة".
"فى حياتي الخاصة اخترت الموقف الصح فى الحب. حبيت اللى ماحبتش إنى أبقى ذليل عشان أحبها. اللى ماخلتنيش أبقى شبشب عشان أحبها، حبيت اللى عملت لها" باحلم معاك بسفينة/ وبموجة ترسِّينا/ ونبحَّر تانى.. الريح تعاند وآلاقيكِ/ فى عينيك وإيديك شطي وأماني/ العالم كله بأسراره عايش وياي/ عايش جواي/ طول ما انت فى الرحلة معايا/ إسمك وإسمي يا حبيبتي مدينتي وحكايتي/ سكني وترحالي". ده عبد الرحيم منصور كتبها لى لمحبوبتي فى الجامعة. إحنا عملنا ثورة فى الأغنية المصرية لما جه صلاح جاهين وكتب "باحبك لا، محتاج لك آه، عايشة الحياة بلا مبالاة".
"أحد أسباب نجاح فرقة المصريين هو وجود الأستاذ صلاح جاهين معانا. لما مات حسيت إن الدنيا بلا معنى. ولما مات عبد الرحيم منصور، جزء منى مات. كنت مسنود عليهم زى أسدين قصر النيل".
من زمن فرقة "البيتى شاه".
حوار مع التينور/ صبحى بدير
"أنا دخلت فرقة الـ"بيتي شاه" سنة 69، كنت وقتها فى سنة أولى معهد التربية الموسيقية فى الزمالك. المعهد ماكانش بالضبط هو طموحي، ماكانش فيه تخصصات عشان كده سبت المعهد ورحت أدرس فى الكونسوفتوار. ودى ليها قصة معايا. أنا طول عمري شعري طويل، ودقني طويلة، كنت شايف إنها حرية شخصية. كان شكلى شاذ وسط الطلبة. كانت العميدة بتستناني كل يوم على باب المعهد".
يا صبحي يا بدير روح احلق شعرك ودقنك وتقوم مروَّحاني. بعدها سحبت أوراقى من المعهد، ماكانش المكان لايق علىّ. ماكانش يهمنى أى حاجة تانية فى العالم، ولا حتى نظرة الناس ليا، غير إنى أدرس موسيقى وغنا".
"رحت غنيت فى فرقة الـ"بيتى شاه". كانت أحسن فرقة فى مصر وقتها. قبل "البيتى شاه" كان عندى فرقة فى الجزويت اسمها "بيردز"، وابتدينا ناخد بعض الصيت. فى البداية دخلت مع فرقة "الكاتس"، كانت مكونة من عزت أبو عوف والإخوة الكنانية، هما اللى اكتشفونى. كانوا مجموعة جميلة، وكانوا لسه منفصلين عن "البيتى شاه".
"أنا كبرت وودنى واخدة على الموسيقى الكلاسيك. الموسيقى العربية كانت غريبة علىّ. إحنا فى الفرقة ما كنَّاش بنحاول نثبت أى حاجة إلا إن دي الموسيقى اللى احنا بنحبها. أنا أُعتبر من الصغيرين فى "البيتى شاه". الفرقة ابتدت بعمر خيرت وعمر خورشيد وعزت أبو عوف ووجدى فرنسيس. التكوين ده اتفرَّع وطلع منه فريق "الكاتس". وبعدها عمر خيرت أخد طريقه، وهانى شنودة أخد طريقه مع "المصريين"، وأنا أخدت طريقي فى الأوبرا. كل واحد مننا راح حتة بقى ليه بصمة فيها. ماكنَّاش مهتمين بالناحية التجارية فى الموسيقى اللى بنعملها، كان همِّنا إننا نطلَّع اللى جوانا، ويمكن ده اللى خلى الفرقة تستمر. ماكسبناش من الفرقة، عشان كده كان السبب فى ارتباطنا ببعض هو سبب فنى بحت، هو حبنا للموسيقى".
"الظروف بعد هزيمة 67 كانت هى السبب فى انتشار الفرق الأجنبية فى مصر. شباب الجيل الجديد كان محتاج يرفَّه عن نفسه بأى شكل وينسى، إلى حد ما، الأوضاع السياسية الصعبة. كانوا بيحضروا لنا بالآلاف. لكن ظهور الكاسيت بعد كده عمل انقلاب فى سوق الغناء.
إحنا نعتبر نفسنا عاصرنا ظهور الراديو الترانستورز، لما اتغيرت لمبات الأجهزة الكهربائية لمقاومة صغيرة. زمان ماكانش فيه وسائل تسجيل غير الشريط الكبير. الكاسيت أثَّر على اختفاء الفرق. إحنا عاصرنا لحظة الانتقال لعصر الكاسيت".
"سنة 68 فى جامعة عين شمس بعد مظاهرات 68 عملنا حفلة عملت انقلاب. كان كل الطلبة عايزين يرفَّهوا عن نفسهم ويطلَّعوا الغضب اللى جواهم. فى الوقت ده الفرق اللى كانت بتغنى عربي ده معناه إنها محدودة وماعندهاش إمكانية تغنى بلغة تانية. إحنا كنا بنغني لكل الشعوب، برتغالى وفرنساوى وإنجليزى".
"فى السبعينيات ماكانش فيه استقرار فى البلد. فى الفترة دي ظهرت فيها فرق كتير فى مصر، وبرضه اختفت فرق كتير مرة واحدة.
ظهور الفرق كانت ليه ظروف، بسبب ظهور أفكار أكتر وطنية، زى محمد نوح. كان بيلعب على وتر الوطنية، وحبه لمصر، والناس كانت محتاجة الإحساس ده فى الوقت ده، وانجذبت ليه جدا، ونسيوا الناحية الغربي والفرق الأجنبية، لأنها كانت غربي، وابتدوا يحسوا بالمصرية زيادة. من هنا ظهرت الموسيقى الأخرى زى عدوية وكتكوت الأمير. زادت فكرة الإحساس بالانتماء والوطنية والمصرية، وده أخد الناس لأنواع من الأحاسيس ماكانتش موجودة من وقت سيد درويش. فلما طلع محمد نوح بأغانى سيد درويش تاني عمل انقلاب. دى أول مرة الغنا الشرقى ياخد أولوية فى الحفلات، والفرقة تاخد المستوى التاني".
"مراتى كانت واحدة من جمهورى فى حفلات الفرقة فى إسكندرية. اتقدمت لها وعمرى 22 سنة. بعد ما وافقوا أهلها على خطوبتنا، رحت حلقت شعرى ودقنى. يمكن سبب ده إن قبول أهلها لشكلى ودقنى وشعرى الطويل، خلاَّنى أكون متسامح معاهم وحلقت دقني. دى من الفترات القليلة اللى عشت فيها من غير دقن".
نُشر نص الحوارين كاملين فى مجلة "أمكنة" العدد العاشر الخاص بحياة الجامعة. وقد قمت هنا بحذف الأسئلة واكتفيت بالإجابات.