لو كانت الدولة تعلم أن هناك قانوناً للأزهر، ولو كان أهل الأزهر يحملون فى ذاكرتهم هذا القانون والذى جاء فى نصوصه أن تقوم جامعة الأزهر ببعث الحضارة العربية والتراث العلمى والفكرى وتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات العربية والأجنبية، ولو طبق هذا القانون، لما كانت المناهج الأزهرية تلوى عنق طلابها بنظرة سلفية إلى الماضى وحده وتخفى عنه الحاضر والمستقبل معاً، ولقدمت لنا جامعة الأزهر علماء يربطون الماضى بالحاضر فى العلم والعمل، ولكان التنوير هو شعلة الوهج والتقدم والبناء لهذا الوطن، وبالتالى ما كنا عشنا لنرى أن قضية الأزهر الأهم هى المطالبة بحذف حلقات إسلام بحيرى من «اليوتيوب» وجعلها والعدم سواء، والاستمرار فى الملاحقة القضائية له ولأطفال أبرياء مسيحيين أرادوا الانتقام من «داعش» بطريقتهم، ما يجب أن يطالب الأزهر بحذفه وإغلاقه، وما يجب أن تكون قضيته هو ازدراء بعض المناهج والكتب التى تسىء للإسلام، أما حجب إذاعة حلقات إسلام بحيرى فهى ضد الاستنارة، وبالتالى ضد الإسلام، فالمضمون الذى يقدمه «إسلام» هو ما يعيد للإسلام وجهته الصحيحة، وهو نفسه الذى تحدث به شيخ الأزهر فى ألمانيا، فقد انحاز شيخ الأزهر للتنوير والرقى والقيم التى جاء بها الإسلام، وهو نفس الانحياز الذى كان يقدمه إسلام بحيرى، وإن اختلفنا على طريقته، فأغلب ما فى المناهج الأزهرية وأغلب ما فى فتاوى رموز المنتقبين بالدين، إساءة كاملة للإسلام وللبشرية وازدراء للعقل والمنطق واللياقة، ولهذا استشهد فضيلة شيخ الأزهر وهو يقدم الوجه الصحيح للإسلام بأغلب ما كان يعلنه إسلام بحيرى.
فضيلة الإمام الأكبر.. ما يستحق الازدراء حقاً الأحاديث الضعيفة التى يستند إليها الإرهاب، فللأسف بعض مناهج الأزهر هى أسلحة للإرهابيين، وبعض نصوص «داعش» موجودة فى صحيحى مسلم والبخارى!
كيف يرتضى المسلم الأحاديث المسيئة للرسول مثل: الطيب والنساء، ورزقى تحت سن رمحى، والخير فى السيف؟!
فضيلة شيخ الأزهر أكد من ألمانيا على حقيقة أن الإسلام يؤمن بحرية التفكير والاعتقاد، ولكن ما يحدث فى الواقع المصرى يختلف، فكل صاحب رأى أو صاحب اجتهاد استهدفته مؤسسة الأزهر وأدخلته فى ظلمة السجن، ولكن د.الطيب أكد فى خطابه الألمانى أن الوسطية تعنى أنه لا عقاب لمجتهد ولا لمجدد فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولكن بعض مناهج الأزهر تبيح قتل المرتد.
لماذا نقدس كتب التراث ونجعل بعضها المرجعية بعد كتاب الله وهى اجتهاد بشرى وهناك نماذج كثيرة تدعونا للتفكير وليس للتقديس، للعقل وليس للنقل، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك حديث عن أبى هريرة يقول إن استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يضعها فى إناء فإن أحدكم لا يدرى أين باتت يده، هذا الحديث لم تأخذ به السيدة عائشة وقالت إنها لم تسمع به ولا تعرف من أين جاء، والقياس فى ذلك كثير، وبالتالى الاختلاف بين الروايات يضعف فيها اليقين والثقة فى المنقول بلا فحص ولا قدرة على النقد أدت إلى دخول أسانيد أحاديث ضعيفة مشكوك فيها ولكن بعضها التصق بصلب الدين وفى الوقت الذى يتجه فيه الأزهر بكل سطوته لمنصات القضاء فى عداء معلن مع إسلام بحيرى وفاطمة ناعوت وأطفال صغار فازدراء بازدراء هل يقبل شيخ الأزهر ازدراء بعض المشايخ ممن يتمسحون بأعتاب الدين ويعلنون الكراهية للمسيحيين ويحرضون عليهم، وهل يقبل إغلاق الاجتهاد والتعامل مع «البخارى» باعتباره المقدس والدفاع عنه هو دفاع عن الدين، وهل أحاديث مثل إرضاع الكبير والذبابة وغروب الشمس مقدس أم اجتهاد تجاوزه الزمن؟ فالثابت علمياً أن الذباب قذارة وميكروبات وأوبئة، أما حديث غروب الشمس فكان اجتهاد «البخارى» أن الشمس بعد غروبها تقع تحت عرش الرحمن حتى يؤذن لها فتنتشر من جديد، بينما أثبت العلم أن الشمس تذهب إلى نصف الكرة الآخر.
المؤكد أنه فى زمن المسلمين الأوائل لم يكونوا قد عرفوا الجانب الغربى من العالم، وبينما تغرب الشمس عن الجزيرة العربية فهى تشرق فى بقاع أخرى من العالم.
شيخ الأزهر أكد فى ألمانيا على حقيقة أن الإسلام يؤمن بحرية التفكير والاعتقاد، ولكن ما يحدث فى الواقع المصرى يختلف تماماً، فكل صاحب رأى أو كل صاحب اجتهاد فهو فى السجن.
استشهد «الطيب» بحديث «النساء شقائق الرجال»، ولكن مناهج الأزهر تمتلئ بتفسيرات خاطئة تحقر المرأة وتحرم عليها المناصب مثل «لن يصلح قوم ولّوا أمرهم امرأة»، و«النساء ناقصات عقل ودين»، بينما «ميركل» ترأس ألمانيا، فماذا لو علمت المستشارة الألمانية أن هناك بعض مناهج الأزهر تساويها كامرأة بالحمار والكلب الأسود وأن وجودها ينقض الوضوء؟ هل يعلم د.الطيب بما فى المناهج الأزهرية من ازدراء للعقل وللمرأة وللكلاب أيضاً بالرغم من مصاحبة الكلاب لبعض الفتية المؤمنين فى الكهف، وإذا لم تهتم الدولة بازدراء وإلغاء المادة 57 فى القانون فعليها وعلى فضيلة شيخ الأزهر أن تحدد ما يجب أن تزدريه وأن توقن أن مثل هذا القانون يأتى بظلمة الأفق وبظلم التنوير. هل يمكن للإنسان أن ينتج فكراً نافعاً وهو حبيس زنزانة مهما كانت نوعيتها، سواء زنازين الخوف أو التقاليد البالية التابعة لعصرها ولا تنتمى لعصرنا أو التعصب الذى لا نرى منه سوى خط واحد؟
طابع التفكير هو الذى انتقل بالعالم من ظلمات العصور الوسطى إلى العصر الحديث، البقاء فى دروب الموروث باعتبارها الطرق المرصوفة والممهدة والانغلاق على ما هو معروف لن يأتى بمعرفة جديدة.
المعرفة هى الباب المفتوح الذى يأتى منه الخطأ ويدخل منه الصواب، هل تفعلها الدولة أو يفعلها شيخ الأزهر بثورة ثالثة تحطم الازدواج الثقافى الذى يفصم حياتنا العقلية شطرين وكأننا نعيش فى عصرين؟..