المساء
محمد جبريل
ع البحري .. اليهود إلي فلسطين.. والعرب إلي أوروبا
في الوقت الذي تشهد فيه مدن أوروبا والولايات المتحدة وكندا هجرات جماعية لمواطنين عرب من سوريا والعراق. أجبرتهم الأوضاع القاسية في بلادهم علي الفرار من الموت. خلفوا كل شيء ودفعوا مدخراتهم لعصابات الهجرة. تعبر بهم البحر إلي المجهول. ربما ابتلعتهم الأمواج نتيجة التكدس في قوارب متهالكة. أو منعوا من اجتياز الحدود كما حدث في اليونان وبعض دول أوروبا الشرقية. أو أفلحوا في دخول فرنسا وألمانيا والنرويج وغيرها من دول الغرب.. أتيحت للطاقات المتعلمة والشابة فرص عمل تحتاج إليها القارة العجوز. وحوصر الباقون بما جعل العودة إلي بلادهم. حتي لو ترصدهم فيها الموت. أملاً مطلوباً. وهو ما عبرت عنه مشاهد كثيرة. نقلتها القنوات الفضائية الغربية!
وسط هذه المأساة التي يكتفي فيها الوطن العربي بالتصفح المتعجل للهجرة الجماعية إلي الشتات للملايين من أبنائه. دبرت إسرائيل خطة محكمة. باهظة التكاليف. شاركت فيها أكثر من دولة لنقل بضعة أفراد من يهود اليمن. عدا نحو خمسين شخصاً رفضوا ترك اليمن. فإنهم آخر من كان فيه من اليهود. قبل أن ينقلهم الكيان الصهيوني إلي أرض فلسطين. بدلاً من أبنائها العرب.
نتابع عمليات الهجرة العربية ما بين صرعي في البحر. ومعتقلات. وحرمان من أبسط حقوق الحياة في الدول المستقبلة. حتي تلك التي وجدت في الأمر ـ والقول للمستشارة الألمانية ميركل ـ فرصة يجب ألا تعوض لتجديد شباب المجتمعات الأوروبية. أما عمليات التهجير الصهيونية. فقد أحيطت بسرية تامة. لم يعرف العالم بها إلا علي لسان نتنياهو. يعبر عن سعادته بوصول آخر يهود اليمن إلي أرض الميعاد!
لم تكن هذه العملية ـ بالطبع ـ آخر هجرات اليهود من أقطار الوطن العربي. ودول العالم بعامة. إلي فلسطين. فهي متواصلة منذ أواخر القرن التاسع عشر.. يصل المهاجرون اليهود إلي ميناءي يافا وحيفا. يواجهون الغرق قبل الوصول إلي الشاطيء في قوارب متهالكة. ينقذهم أبناء فلسطين. ويوفرون لهم الغذاء والمأوي. دون تنبه إلي أن استضافتهم للقادمين إلي بلادهم. أشبه بمن يستضيف ـ في بيته ـ وحوشاً غادرة!
اللافت أن المهاجرين العرب ـ اعتذر لأن التسمية غير دقيقة ـ تركوا بلادهم فراراً من الموت الذي لحقهم خلال الرحلات القاسية. تخلوا عن الأرض والبيت والأسرة. وظلوا أخباراً تستدعي الحسرة والألم.. أما مهاجرو إسرائيل فقد استقبلهم الكيان الصيهوني بحفاوة معلنة. وتحدث نتنياهو عن العمليات المعقدة. المرتفعة التكاليف. التي ساعدت في نقل هؤلاء اليهود إلي أرض طرد منها أهلها!
أما الآخرون من أبناء الوطن العربي. من يرفعون شعار "أمجاد يا عرب" فقد أبدوا انزعاجهم من الهجرات التي اقتحمت حياتهم. أو اقتصرت ردود الأفعال علي مشاهدة المآسي في وسائل الإعلام. متناسين حكاية الثور الأبيض الذي كان التهامه مقدمة لأكل الثيران الأخري!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف