المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. النواب بين الجزرة والعصا
كل العيون الآن علي مجلس النواب.. تراقب أداءه.. وترصد.. وتسجل.. وحتي هذه اللحظة لم يسجل المجلس هدفاً يُحسَب له.. بالعكس كان أداؤه ضعيفاً ودون المستوي المنتظر.. وكانت السلبيات أكثر من الإيجابيات.. ومع ذلك فإن تحديات المرحلة القادمة واختباراتها ستكون أصعب مما فات.
لم تصدر عن المجلس كلمة طيبة إزاء بيان الحكومة.. ومعظم اللجان التي تناقش البيان تنتقده انتقادات لاذعة في الشكل والمضمون.. وتطرح تخوفات مشروعة تجاه أي زيادة قادمة في أسعار السلع والخدمات الجماهيرية مثل الكهرباء والمياه والبنزين.. وتحذر الحكومة من فرض أي ضرائب جديدة علي المواطنين.. وتتحفظ علي حديث رئيس الوزراء عن القرارات الصعبة ـ أو المؤلمة ـ التي تستعد لها الحكومة.. وتتحفظ أيضاً علي العبارات الإنشائية المطاطة التي تضمنها البيان. والتي تفتقر إلي خطط تنفيذية محددة ومواعيد وتوقيتات معروفة.. ومع كل هذه الملاحظات والانتقادات سوف يوافق المجلس علي بيان الحكومة خوفاً من الحل.
ويطالب مجلس النواب الحكومة بالتقشف وضغط الإنفاق والحد من القروض وسد عجز الموازنة الذي بلغ أرقاماً فلكية.. والبحث عن موارد جديدة لتمويل الاستثمارات ومواجهة التهرب الضريبي.. ومع ذلك يصر المجلس علي إعفاء أعضائه من دفع أي ضرائب علي المكافآت والبدلات التي يحصلون عليها.
ويطالب مجلس النواب بتطبيق قواعد الشفافية والوضوح في كافة بنود الميزانية العامة للدولة..و تطبيق قواعد المراقبة المالية الكاملة علي كل المؤسسات.. وفي الوقت ذاته يطلب أن توضع ميزانيته رقماً واحداً في الميزانية العامة. باعتبارها سراً حربياً.. بل إن بعض النواب يشكون من عدم الوضوح والشفافية في معايير احتساب المكافآت والبدلات.. فهناك أعضاء تصل مكافآتهم وبدلاتهم إلي أربعين ألف جنيه في الشهر. وأعضاء آخرون لا يمكن لهم أن يتجاوزوا عشرين ألف جنيه.. ويتساءل هؤلاء عن المعايير التي يتم علي أساسها احتساب المكافآت والبدلات التي تؤدي إلي هذا التفاوت؟!!
كل هذه المفارقات تجعل من مجلس النواب هدفاً للقيل والقال.. ومعلوم أن المجلس سيد قراره.. وهو الذي يضع لائحته ويقرر فيها ما يشاء حتي مع وجود رقابة مجلس الدولة.. لكن يبقي هناك دائماً عنصر المواءمة.. ومراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة لدولة مديونة. وميزانية عاجزة. وشعب يئن من الفقر والبطالة والمرض والأمية.. ولا يجد الاعتمادات اللازمة لبناء المدارس والمستشفيات والمصانع التي تكفل له الحد الأدني من الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
يستطيع المجلس أن يضمن مستوي مادياً معقولاً لأعضائه. لكن دون مبالغة ودون استفزاز.. هذا أمر يجب أن يعالج بحرص شديد وشفافية كاملة.. إكراماً لمكانة المجلس والأعضاء.. وحفاظاً علي صورتهم أمام ناخبيهم.. خصوصاً أن هذا المجلس تشكل وسط اتهامات بتوظيف المال السياسي وشراء المرشحين وشراء الأصوات.. بل ولاحقته اتهامات بعد التشكيل بمحاولة أحزاب سياسية ورجال أعمال شراء ولاء النواب مقابل المال.. ناهيك عن الجدل الذي أثير حول المخصصات المالية الواسعة للنواب.. وهي مخصصات مستفزة فعلاً بعدما أضيف إليها من زيادات ضخمة في الوقت الذي تتجه فيه الدولة إلي خفض الدعم تدريجياً وزيادة أسعار الطاقة والخدمات. وفرض ضريبة جديدة باسم "ضريبة القيمة المضافة".. وكلها أعباء ثقيلة علي كاهل الشريحة العظمي من الشعب.. شريحة محدودي الدخل.
لا شك أن سلوك المجلس خلال المرحلة القادمة وانحيازاته هي التي ستحدد مكانته بالضبط عند الشعب.. وهي التي تثبت إن كان انتماؤه للناخبين حقاً.. أم للحكومة التي بيدها الجزرة والعصا.. المنح والمنع؟!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف