محمود غلاب
ألف باء .. الثقة لـ«الحكومة»
أنا مع منح مجلس النواب ثقته لحكومة المهندس شريف إسماعيل، حتى ولو كان بعض النواب يرون أنها غير جديرة بها، وسبب موافقتى وتأييدى لهذه الحكومة يرجع للأسباب الآتية أولاً أن الظروف التى تمر على البلاد اقتصادياً وأمنياً تقتضى التجاوز عن أى سلبيات فى الفترة الحالية التى تسعى فيها إلى اجتياز عقبات خطيرة أكثرها الإرهاب الذى يطارد مصر فى سيناء، وينتقل أحيانًا إلى قلب القاهرة، والذى استنفد كثيرًا من موارد الدولة المادية والبشرية ومازال.. وثانيًا لأن مجلس النواب لا يستطيع تشكيل حكومة طبقًا للمادة 146 من الدستور.. حيث لا يوجد ائتلاف واضح وحقيقى حتى الآن يقدم رئيسًا للوزراء فى هذه الفترة شديدة الصعوبة.
المادة 146 غير قابلة للتطبيق فى الوقت الحالى، ويمكن تنفيذها فى فترة قادمة. أما الوضع الحالى فهو خطير جدًا على الحكومة التى تحتاج إلى مساعدة، كما يحتاج مجلس النواب إلى أن تخرج له أنياب يستطيع من خلالها فرض كلمته وممارسة سلطاته الدستورية التى ينوء عن حملها نواب مازالوا فى المرحلة التمهيدية لممارسة العمل السياسى على الأقل فى الدورة البرلمانية الحالية.
ورغم اتفاقى مع النواب الذين انتقدوا بيان الحكومة فإنني أعجبت أكثر برأى الكاتب الصحفى النائب يوسف القعيد وهو أن الموافقة على بيان الحكومة تتم من باب الضرورة وليس من باب الاختيار، أنا مع الكاتب الكبير أن حالة الضرورة يجب أن تتوافر لدى النواب الذين يستعدون للتشمير عن سواعدهم للانقضاض على الحكومة عندما يبدأ المجلس فى مناقشة تقريره فى الجلسات القادمة.
أؤيد نقد الحكومة بأقصى درجات النقد وأتفق أن البيان ينقصه الكثير، خاصة التمويل للمشروعات التى أعلن عنها رئيس الوزراء، وأتفق أنه بيان أقرب إلى الكلام الإنشائى، ولكن الضرورات تبيح المحظورات، وهذه الحكومة ما زالت انتقالية تحفر فى الصخر، فى ظل النقص الشديد للموارد، صحيح أن المواطنين لا يشعرون بتحسن فى أحوالهم، ويتحملون أعباء فوق طاقتهم، ولكن إذا كان شد الحزام فى هذه الفترة ضرورة للخروج من عدة مآزق، فنحن لابد أن نستجيب لذلك وأن يعى الجميع أن مصر لا تواجه أزمات داخلية فقط، ولكن تواجه أحقادًا أيضًا من الخارج، هناك من ينفخ فى قضايا لا تستحق كل ذلك من قضية الشاب الايطالى ريجينى رغم تسليمنا بضرورة حل لغز هذه الجريمة، ولكن هناك محاولات لجر مصر إلى العقاب الدولى، وهناك مشاكل على المياه، وعلى دور مصر الرائد فى المنطقة، قد يقول البعض إن هناك تقصيرًا من الحكومة فى نواحٍ عديدة وهذا صحيح لكن الأزمة عامة لابد أن يساعد فيها كل على قدر إمكانياته، وأن تتحلى بالصبر لعبور الكثير من الأزمات التى أصبح حلها وشيكًا، وبعدها نستطيع أن نجلس لمحاسبة المقصرين فى الحكومة، هناك وزراء لابد أن يتخلوا عن مواقعهم ومسئولون فى مواقع كثيرة من بينها الأجهزة الرقابية لابد أن تتزحزح حتى يتم زحزحة الفساد الذى وصل إلى الحلقوم، صحيح هناك مواطنون تحت خط الفقر، وأن الكوسة والمحسوبية مازالتا ساكنتين فى الأجهزة الحكومية، لكن هناك دولة وإطارًا عامًا يجب أن نحافظ عليه، ولن نحافظ عليه إذا وضع نواب البرلمان العقدة فى المنشار فى مواجهة الحكومة.. انتقدوا كما تشاءون ولكن مع منح الثقة هذه المرة لحكومة إسماعيل فالوطنية والحرص على المرور من أزمات داخلية وخارجية أهم من تطبيق حق دستورى قد يلجأ إليه البعض فى وقت ليس وقته.