آخر ساعة
طارق فودة
مع الدنيا .. عبدالحليم حافظ عصر من الحب والرومانسية
لا أستطيع أن أصدق أن تسعة وثلاثين عاما قد مضت علي رحيل العندليب عبدالحليم حافظ.
والسبب ـ بالتأكيد أن أغانيه مازالت تملأ الدنيا حبا ورومانسية.
صدق الكلمات ـ روعة الألحان - الإحساس بما كان ينطق به عبدالحليم.. باختصار : هذا هو سر النجاح ـ جنبا إلي جنب مع الشعب الذي كان غارقا في حب مصر كل واحد من أبناء هذا الشعب يحس بإحساس كل من هم حوله. يحس أنه فرد في صحبة الجميع أو أنه حلقة من حلقات هذا الوطن الأصيل والجميل.
ولنأخذ نموذجا علي هذا. أربعون سنة إلي ما قبل ما نحن فيه ـ أليست هذه سنوات الحرب والمصير ـ سنوات أكتوبر العظيم ـ سنوات التضحية والفداء ـ سنوات الوحدة ووحدة المصير ـ سنوات الإيمان بالله خالق هذه الأرض والدنيا جميعا ـ سنوات الله أكبر فوق الجميع وكلٌ تحته في الأرض سواء في العيش وفي المصير، نعم كان عبدالحليم يغني بما كانت تحياه مصر وأبناء مصر ـ وكان الجميع في الشارع المصري شركاء في حب الأرض وفي المصير.
ومن هنا ومن بين كل هذا خرجت كلمات صلاح جاهين شاعر الطبيعة المصرية المطلقة وألحان الموجي وكمال الطويل.
في أول مرة رأيته فها ـ كان قادما إلي اخر ساعة ـ الدور الثاني من مبني أخبار اليوم ـ لم أكن أعرفه ـ ولكنه أخذني بالأحضان وقال وهو يسألني عن أحوالي وكأننا نعرف بعضنا البعض: هوه وجدي جوه؟ـ ويقصد وجدي قنديل من كبار محرري آخر ساعة.. وفي المرة الثانية دخل علينا ـ وكنت أنا عند وجدي الذي كان ينتظر قرار تعيينه نائبا لرئيس التحرير. ورفض أن يمشي قبل أن يصدر القرار. وجاء القرار وبدأ عبدالحليم مرة أخري يأخذنا جميعا بالأحضان.
وكانت المرة الثالثة عندما اشتد عليه المرض ـ وأصر أن يغني وقتها في احتفالية تقام في قاعة ألف ليلة وليلة في فندق هيلتون النيل وقد شحب وجهه وأصحب نحيفا جدا ـ وكنت أقف ملامسا لأرضية المسرح ـ ورحت أبكيه.
أما المرة الرابعة ـ فكانت عندما كلمني فاروق إبراهيم من لندن ليقول لي عبدالحليم خلاص يا طارق. وكأننا جميعا أهله وأصدقاؤه ..رحم الله عبدالحليم حافظ ووجدي قنديل وفاروق إبراهيم . رحمة واسعة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف