زكريا أبو حرام
ضد التيار .. فتش عن الصيانة
نشرت الصحف تقريرا قانونيا لهيئة المفوضين بمحكمة القضاء الإداري، ألزمت فيه الدولة بالكشف عن ميزانيات الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وكافة القروض التي حصلت عليها لتطوير المرفق، وتساءل التقرير عن حوادث القطارات التي يلقي فيها الكثير من المواطنين حتفهم نتيجة لتهالك هذه المنظومة علي الرغم من أن موازنة الهيئة للسنة المالية 2011-2012 تبلغ 11 مليارا و403 ملايين و555 ألف جنيه، وحصولها علي أكثر من قرض يتحملها المواطن علي كاهله وتثقل بها الأجيال القادمة كدين علي الدولة يجب سداده، بلغت 600 مليون دولار بهدف التطوير وإصلاح المرفق، وعلي الرغم من ذلك فإن حوادث القطارات استمرت في الوقوع، الأمر الذي يشكل لغزا، الأرقام التي جاءت في التقرير مفزعة، وبعيدا عن النتيجة التي خلص إليها التقرير، لن أتحدث عن فساد أو إهدار للمال العام، فهذه أمور تكشفها الجهات الرقابية، ولكني أري أن فك طلاسم اللغز الذي تحدث عنه التقرير، يكمن في الصيانة، نعم فتش عن الصيانة، فالصيانة للأسف الشديد فريضة غائبة، في المجتمع المصري، نفرح بأي مشروع جديد، ونتباهي به، ثم ننساه لسنوات دون صيانة، والوزير السابق سعد الجيوشي، ذكر في أحد تصريحاته، أن نسبة أعطال القطارات في السكة الحديد وصلت إلي 50، بسبب أن نظام الصيانة عشوائي، وأن ورش السكة الحديد متخلفة، ولم يحدث بها تطوير منذ 150 عاما، لذلك إنتاجيتها ضعيفة ومستوي الصيانة سيئ، ولو فتشنا عن الصيانة في كثير من المشروعات والمرافق والمصانع، في شتي المجالات، لعرفنا مصير المليارات التي تهدر هنا وهناك، والخبراء يؤكدون أن المحافظة علي أي مرفق، أو مشروع، عمودها الفقري الصيانة الصحيحة المخططة والمدروسة، ولكن البعض في كثير من المشروعات، وبدافع تقليص المصروفات، يلجأون إلي إجراء الصيانة وقت حدوث العطل، مما يكلف أضعاف ما تم توفيره، نتيجة تجاهل إجراء الصيانة المدروسة والصحيحة بجميع أنواعها، الكثيرون بعد الثورة يتحدثون عن ضرورة وجود مشروع قومي نلتف حوله، لنجعل الصيانة فريضة قومية، في كل مناحي حياتنا الشخصية والعامة، صدقوني سنوفر الكثير، بل وسنستثمر للأجيال القادمة.