البديل
حسن شاهين
نكسة عامر
يواجه الاقتصاد المصري عدة أزمات من ارتفاع أسعار جميع السلع الأساسية وغير الأساسية بشكل ملحوظ ومبالغ فيه، بالإضافة إلى نقص بعض السلع الأساسية فى السوق، ويأتي هذا نتيجة لارتفاع الدولار الأمريكي المستمر أمام الجنيه المصري.

وفي ظل هذه الأزمة نجد طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، يلجأ إلى المسكنات، مثل قرار خفض قيمة الجنيه بمقدار 112 قرشا أمام الدولار ليصل الأخير إلى 8.85 جنيها، لكن تظل الأزمة مستمرة دون حلول جذرية تؤدي لتعافي الاقتصاد.

وفي إطار المواجهة قد نتفهم قرار رفع القيود على السحب والإيداع بالعملات الأجنبية للشركات، لكن لا نتفهم قرار عامر طرح حصص من بنكي “القاهرة والعربى الإفريقى الدولي” وبيع المصرف المتحد بالكامل لأحد المستثمرين غير المعروف حتى الآن، وكل هذا قبل نهاية العام الجارى هذا بجانب الهرولة على قرض صندوق النقد الدولى بديلا عن الإصلاح الاقتصادي من الداخل.

وما أشبه الليلة بالبارحة، حين لعب عامر أشرف عامر على بيع بنك الإسكندرية عندما كان نائبا لمحافظ البنك المركزي الأسبق، الدكتور فاروق العقدة، عام 2006، وكانت هناك محاولات أيضا لخصخصة بنك القاهرة، لكنها باءت بالفشل بعد أن وجدت رد فعل مضاد وقوي من الرأي العام.

قرار كارثي آخر اتخذه عامر عبر طرح البنوك والشركات الحكومية فى البورصة، لأنها سواعد الدولة فى الاقتصاد المصرى ومن غير المسموح العبث بها فى سوق البورصة رغم الأزمة التى نعانيها من تراجع الاحتياطى النقدي إذ سيكون هذا بمثابة قص لسواعد الاقتصاد المصري، وليس حلا للأزمة.

تصريحات عامر التضاربة شكلت جانبا آخر من جوانب الأزمة فهو يطالب المصريين بـ “لازم نيجي على نفسنا شوية، ولابد أن نقبل بالتضحيات من أجل مستقبل أفضل” و”احنا بنشتغل بلا مقابل عشان مصر وببلاش ” فيما أكد فى التصريح نفسه أن البنك المركزي فقد خبرات كثيرة بسبب الحد الأقصى للأجور، مطالبا أن لا يخضع البنك المركزي للحد الأقصى للأجور باعتباره مؤسسة مستقلة يخضع لقرارات مجلس إدارته، وأكد أنه سيتخذ ما يلزم للحفاظ على الكفاءات، وهذا بالطبع رسالة بأنه لن يسمح بأن يكون هناك حد أقصى للأجور داخل تلك المنظومة.

أنا شخصيا أتعجب من تلك التصريحات المتضاربة التى تطالب المصريين بأن يضحوا، لكن فى نفس الوقت لا يقبل صاحبها أن يضحي بتخفيض مرتبات موظفيه الهائلة، وأتعجب من قوله أنه يعمل بلا مقابل، وفى نفس الوقت يؤكد أنه لن يسمح بتطبيق الأقصى للأجور بحجة الكفاءات.

لن يتعافى الاقتصاد إلا بخطة واضحة الملامح ذات منهج للإصلاح الاقتصادي من خلال إقامة وتشغيل المصانع، وبترشيد الدعم حتى يصل إلى مستحقيه، على سبيل المثال دعم الطاقة الذى يستحوذ عليه أصحاب المصانع الكبيرة من المستثمرين ولا يحصل عليه أصحابه الحقيقيين من أبناء الطبقة الكادحة، إلى جانبالعمل الدؤوب على عودة قطاع السياحة الذى انهار فى السنوات الماضية، وبتنظيم وفتح سوق حقيقي للاستثمار دون قيود تعجيزية، والمقصود هنا هو أن ترسم لمصر خطة واضحة تليق بها للبناء الاقتصادي، خطة لا تعتمد على قرارات اللحظة والدين والبيع؛ لأن هذا آخره نكسة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف