أسعدني أن ينفي وزير قطاع الأعمال الجديد الدكتور أشرف الشرقاوي وجود أية نية لدي الحكومة لخصخصة أو بيع الشركات العامة.. وتأكيده علي أن التوجه الحكومي الحالي هو إعادة هيكلة 8 شركات قابضة تتبعها 125 شركة.. وتقوية مراكزها المالية لتحقيق التوازن بين الشركات الخاسرة والرابحة.. واستغلال العمالة الموجودة وإدارة الأصول بما يضمن استغلال الأصول غير المستغلة.. مما سيعود علي العمال بالنفع.
هذا النفي الصريح والواضح يثلج صدور المصريين ويريح ضمائرهم.. ويجعلنا نسقط التصريحات السابقة التي نسبتها صحيفة "المصري اليوم" للوزير في عدد الثلاثاء الماضي حول خطته لبيع وتأجير شركات القطاع العام.. وهي تصريحات مخيفة أعادتنا إلي ذكريات مؤلمة لمهرجان نهب مصر باسم الخصخصة وبيع الشركات وتشريد العمالة وتدمير ركائز الاقتصاد الوطني.
وكانت "المصري اليوم" قد نسبت إلي الوزير قوله علي هامش مناسبة عامة إن إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة تتضمن 3 محاور: البيع وإعادة التأجير للأصول غير المستغلة.. ودخول شريك خاص أو عام والمشاركة في الإدارة. والطرح في البورصة للشركات الرابحة فقط. فالشركات الخاسرة لن تجذب المشترين.
لكن النفي الجديد الذي نشرته بالأمس "المصري اليوم" و"الأخبار" ينسخ هذا الكلام تماما.. ونحن نصدقه.. ونضم صوتنا إليه.. ونرجو أن يثبت عليه السيد الوزير والحكومة.. ولا تفكر مجرد تفكير في تكرار تجربة فاشلة وفاسدة دمرت جزءا كبيرا من اقتصادنا الوطني.. وفتحت الباب واسعا لنهب ثروات مصر وتهريبها للخارج في جرائم سرقة واضحة قام بها كبار وصغار من الفاسدين المصريين ومن التف حولهم من الفاسدين العرب والأجانب الذين خدعونا بكذبة تطوير الشركات والتوسع في أنشطتها وتحديث ماكيناتها ثم تبين أنهم تكبكبوا علينا بهدف النهب والسرقة والاتجار في أراضي الشركات وبيع الماكينات خردة بعد تكهينها.. وتقليص الأنشطة الصناعية إلي ما يقارب حد التوقف.. ناهيك عن الاقتراض من البنوك الوطنية بضمان أراضي هذه الشركات وأصولها.
وأثبتت التجربة أن النية كانت مبيتة لبيع الشركات وتصفيتها ونهب أصولها.. بالتواطؤ بين مسئولين فاسدين خانوا الأمانة التي في أعناقهم.. ووسطاء وسماسرة محليين ودوليين مدربين علي دفع الرشاوي وتهريب الأموال.. وتجار جشعين لا يجيدون غير امتصاص دماء الشعوب ونهب خيراتها.. وبفضل الله وبجهود المخلصين من أبناء هذا الوطن تم انقاذ ما أمكن انقاذه من هذه الشركات وإعادتها إلي ملكية الشعب بأحكام قضائية نافذة كي تمارس دورها في خدمة الاقتصاد الوطني.
وجاءت ثورة 25 يناير لتغلق هذا الملف الحزين كاملا.. وتقطع دابر الخصخصة إلي الأبد.. وتخلق قناعة شعبية جديدة بأن انقاذ شركات القطاع العام وتطويرها وإعادة تأهيلها وهيكلتها مسئولية وطنية لا يمكن التفريط فيها.. وهذه المسئولية لن تتحقق إلا من خلال القطاع العام نفسه وبأموال مصرية خالصة.. بشرط أن تتوافر لهذا القطاع إدارة مؤهلة ذات خبرة ومشهود لها بالكفاءة والاستقامة ومرتبطة بقواعدها العمالية وتحظي بثقتها.
ولو تأكدت هذه القواعد العمالية من الاخلاص وصدق التوجه والعدالة في تحمل الأعباء وتوزيع العائد فسوف تصنع المستحيل وتأتي بالمعجزات.. وهذه مسئولية الوزير والذين معه من كبار المسئولين عن الشركات.. وحينما تصل رسالتهم إلي العمال بهذا المضمون سيكونون قد قطعوا نصف مشوار النجاح.. والنصف الثاني المتمثل في التمويل يمكن أن يأتي من البنوك الوطنية التي تبحث عن مجالات للاستثمار الناجح لتوظيف أموالها.
المهم نبدأ.. وبنية صادقة.