لا أعرف لماذا تفكر حكومة المملكة في إزالة المطاف المؤقت؟، لماذا لا تبقى عليه للتسهيل على المسنين والمرضى وذوى الاحتياجات الخاصة؟، لماذا لا تبقى عليه لتخفيف الزحام عن صحن الكعبة المشرفة؟
قبل أكثر من عام كنت أصبت بالسرطان في الغدد الليمفاوية، وبعد أن انتهيت من جرعات الكيماوي، ومن بعدها جلسات الإشعاع، قررت السفر لكي أؤدي مناسك العمرة: أن أشكر الله على فضله وكرمه أنه يسر لى العلاج، يومها اشترطت زوجتي أن تسافر معي، وسافرنا في شهر إبريل الماضي، وبعد أن وضعنا الحقائب فى حجرة الفندق، وكان مواجها للكعبة المشرفة، نزلنا لكي نؤدي مناسك العمرة، في الساحة الخارجية حذرتني زوجتي من الزحام والتدافع، وقالت لى: ياريت لا تكرر ما فعلته في الحج، فقد سبق قبل خمس سنوات(عام 2010) أن سافرنا لأداء فريضة الحج، وكنت آخذها وأخترق الحشود لكى نصل إلى الكعبة، وكدنا أكثر من مرة أن نسقط تحت الأقدام.
دخلنا صحن الكعبة، وفوجئنا بالمطاف المؤقت، واعتقدت يومها أن إدارة الكعبة قامت ببنائه استجابة لفتوى أحد رجال الدين السعوديين، سبق وأفتى قبل سفري لأداء فريضة الحج، بهدم الحرم، وإعادة بناءه مرة أخرى فى عدة طوابق، يخصص بعضها للنساء، فقد كان يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء فى أداء فريضة الحج.
فى الصباح قابلت مشرف الشركة التى سافرنا معها في مطعم الفندق، وسألته عن الكوبري الدائري، فقال لى إنه مطاف مؤقت، قاموا ببنائه لحين الانتهاء من التوسعات التي تقام فى الحرم، وقال لى الطواف فوقه يختصر كثيرا من الوقت والجهد، في اليوم التالي قررنا أداء عمرة ثانية، أنا عن شقيقي، وزوجتي عن والدتها رحمة الله عليهما، وغادرنا إلى التنعيم وأحرمنا وصلينا فى مسجد السيدة عائشة، وعدنا إلى الكعبة، وقادتنا أرجلنا إلى الطابق الثاني من المطاف المؤقت، وطفنا يومها بسهلة شديدة، ولم نشعر بالجهد الذي نبذله في صحن الكعبة بسبب الزحام والتزاحم، وفى الأيام التالية كنا نؤدي الصلوات الخمس في الساحة أو على المطاف ثم نطوف مرة أو مرتين أو ثلاثاً، وهو ما لم يكن متيسرا فى صحن الكعبة بسبب الزحام.
صحيح أن المطاف المؤقت حرمنا من التفكير فى اختراق الحشود والوصول إلى الحجر الأسود أو لمس الكعبة، وغادرنا مكة المكرمة بالفعل للمرة الثانية دون أن يكتب لنا تقبيل الحجر الأسود، لكنه في النهاية يسر لنا ولملايين غيرنا الطواف بسهولة وبجهد أقل بعيدا عن التدافع والزحام، فلماذا لا نبقى عليه؟، وما هي الأضرار التي تترتب على بقائه؟، نأمل من حكومة المملكة ومن خادم الحرمين أن يعيدا النظر فى قرار إزالة المطاف المؤقت، وأن يبقيا عليه تيسيرا على كبار السن والمرضى وذوى الاحتياجات الخاصة.