مصطفى شفيق
من قلبى- لن نفرش الأرض رملاً لاستقبال الملك «سلمان»
الملك سلمان فى مصر... ليست المرة الأولى له هنا... زارها مقاتلا... وزارها صاحب سمو... وزارها أميرا للرياض... واليوم يزورها ملكا لأحب بلاد الله للمصريين... بين الزيارات السابقة والحالية عوامل مشتركة... أهمها شخصية خادم الحرمين الشريفين نفسه... كان لى شرف التقائه فى بداية الثمانينيات فى المعادى... كان فى زيارة لأحد المشروعات الاستثمارية السعودية فى القاهرة... شاءت الظروف أن أكون قريبا من حديث الكبار... كنت ما زلت شابا... الحديث كان منصبا على ضرورة تكثيف الاستثمارات السعودية فى مصر... كلمات الأمير سلمان حينها كانت فى صالح التضامن العربى العربى... فالرجل مؤمن بالعروبة إيمانا كبيرا... محب لمصر حبا جما... ويرى أن حل مشكلات الأمة العربية فى التقارب بين الدول الفاعلة... مصر والسعودية... وبعد توليه مسئولية المملكة راهنت كثيرا من المشككين أن الملك سلمان سيكون أقرب إلى مصر... كان رهانى يستند إلى ما سمعته أذنى منه فى حفل المعادى... وكان أيضا يستند إلى مواقف الرجل وتاريخه... فالذى حارب لتحرير تراب مصر لن يحارب شعبها... والذى كسر حصار دول الصمود والتحدى لمصر بعد زيارة القدس... وكان لاعبا أساسيا فى إعادة العلاقات المصرية السعودية بعد زيارة القدس... لن يسعى لكسر إرادة شعب بادله حبا واحتراما.
وفى التاريخ لم يترجم التضامن العربى إلا بالاتفاق بين مصر والسعودية... حرب أكتوبر كانت قمة التضامن العربى... كانت السعودية تقود حرب البترول... وفى التاريخ لم تشارك مصر فى حرب عاصفة الصحراء لتحرير الكويت... إلا دفاعا عن الأراضى السعودية... ومن حفر الباطن... وفى التاريخ القريب لعبت المملكة دورا رئيسيا فى مساندة ثورة الشعب المصرى فى 30 يونية... ونجح المغفور له بإذن الله الأمير سعود الفيصل بزياراته وعلاقاته الواسعة... ونفوذ المملكة الكبير فى تخفيف الضغط على مصر... كل المواقف بين البلدين تؤكد ان تقاربهما خير للعرب والمنطقة والشعبين... ولأن السعودية تعرف قدر مصر الإقليمى اختارت عميد الدبلوماسية العربية السفير أحمد قطان سفيرا لها فى القاهرة.
زيارة اليوم واحدة من هذه الحلقات... هى زيارة قطع الألسنة الطويلة... وإعادة صياغة للعلاقات العربية - العربية... زيارة إنقاذ ما تبقى من المنطقة... السعودية هى كبير مجلس التعاون الخليجى... وهى أكبر قوة اقتصادية عربية... ومصر هى القوة المسلحة... والثقل الإقليمى... والقوة الناعمة والخشنة... ولا تفصلها عن دول الخليج إلا «مسافة السكة».
لن نفرش الأرض رملا لاستقبال خادم الحرمين... فالمصريون يفرشون الرمل للضيوف... لا لأصحاب البيت.