عباس الطرابيلى
هموم مصرية- البترول السعودي.. لمصر سلماً وحرباً!
ربما أعرف- أكثر من غيري- دور البترول السعودي لدعم مصر في الحرب.. وفي السلم معاً.. بحكم انني أقدم محرر بترولي عربي، بدأت علاقتي بالبترول من عام 1959 في صحف أخبار اليوم.. وفي أبوظبي. وقد حضرت معظم مؤتمرات الأوبيك والأوابيك علي مدي نصف قرن. وأعلم- كذلك أن تعبير استخدام البترول سلاحاً في الحرب- مع إسرائيل وغيرها- جاء تجسيداً للتلاحم العربي الكامل.. مع مصر، ومع قضايا العرب الكبري.. سواء خلال حرب يونية 67- وما قبلها عام 1956- أو خلال حرب 1973- وما بعدها- وحتي الآن، أي عام 2016!
<< وأتذكر موقف الملك فيصل- رحمه الله- في قمة العرب بالخرطوم في أغسطس 1967، وكيف وقف مع مصر، رغم الجراح الشخصية التي أصابته من القاهرة رئيساً.. وصحافة! ونسي الملك الشهيد كل ذلك وكان أول المتقدمين لدعم مصر، بعد حوالي شهرين فقط من الهزيمة. وكان ذلك موقفاً عربياً يؤكد أن العروبة تسري في الجسد السعودي، كما في المصري، مسري الدم..
<< ولا ننسي موقف نفس الملك الشهيد فيصل خلال حرب 1973 وكيف قاد- هو وشقيقه الشيخ زايد بن سلطان معركة استخدام البترول، سلاحاً في المعركة العسكرية والسياسية.. وتابعت عن قرب ومن مداخل دهاليز مقر منظمة الأوبيك في فيينا كيف دارت أسرار هذه المعركة.. ولما لم تنجح المساعي العربية- داخل المؤتمر- بسبب وجود أعضاء غير عرب مثل فنزويلا وإيران ونيجيريا والجابون واندونيسيا وغيرها- قرر وزراء البترول العرب الأعضاء في الأوبيك، الانطلاق إلي الكويت حيث مقر منظمة «الأوابيك العربية» للاتفاق علي قرار عربي واحد داعم ومؤيد للجيوش العربية المتحاربة.. ضد العدو الإسرائيلي.. إلي أن اتفق الوزراء العرب علي خفض إنتاج البترول تصاعدياً كل شهر.. وزيادة أسعار البترول.. ومنع تصديره تماماً عن الدول المساعدة لإسرائيل وكانت هي أمريكا وألمانيا والبرتغال وهولندا.. وبريطانيا.
<< وكانت مواقف الملك فيصل- وقتها- تدعم الموقف المصري- السوري، بل كان التشدد السعودي وقتها في قمته.. ولا ننسي هنا حوار الملك فيصل مع هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا من أن بلاده مستعدة أن تعيش علي التمور وحليب الناقة، من جديد.. إعلاناً منها حتي عن التخلي عن إنتاج البترول.. تماماً.. وأعتقد أن الملك راح ضحية مؤامرة بسبب موقفه هذا- البترولي- وبسبب إصراره علي الصلاة في المسجد الأقصي، بعد تحريره.. رحم الله فيصل الشهيد.
<< ونصل إلي مصر الثورة: 25 يناير ثم 30 يونية.. وكيف قادت السعودية حرباً شرسة دفاعاً عن مصر وحاضر مصر ومستقبلها.. ها هو الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعلنها صراحة بأن ضرب مصر، ضرب للسعودية، وللعروبة كلها.. ويمد يده بالمال.. والبترول.. والغاز لمصر حتي لا تسقط تحت عنف ضربات المعتدين، من الداخل والخارج.. مليارات.. وراء مليارات. منها ما هو منح لا ترد. ومنها ما هو إيداع في الخزانة المصرية.. ومنها ما هو قروض بفائدة لا تذكر..
<< وعندما يحس أن دولاً أوروبية- في مقدمتها فرنسا وألمانيا- يكلف الملك عبدالله، وزير خارجيته الأمير سعود الفيصل- وكان مريضاً للغاية بالسفر إلي باريس لإبلاغ الرئيس الفرنسي رسالة محددة.. هي أن السعودية لن تترك مصر وحدها.. وأن أي دعم أجنبي كان يصل إلي مصر، سوف تتولي السعودية تعويضه، إذا توقف الدعم المالي الخارجي لمصر..
ووصلت الرسالة السعودية إلي قصر الاليزيه.. ليتولي الرئيس الفرنسي إبلاغها للغرب.. فقد كانت رسالة واضحة ومحددة..
<< وحتي الآن يتوالي الدعم السعودي لمصر.. أموالاً سائلة، وبترولاً وغازاً وأيضا في شكل استثمارات سعودية حكومية وشعبية للمساهمة في تحريك دولاب الحياة المصرية.. وكل ذلك غير شحنات الغاز والبترول السعوديين اللازمين لتشغيل محطات الكهرباء المصرية.. حتي لا تتوقف. ولتغطية احتياجات النقل المصري من منتجات بترول..
<< وهكذا تسخر السعودية- وبالذات في فترة الصمود الحالية- كل ما تملك، لدعم مصر بتوجيهات وتعليمات مباشرة من خادم الحرمين الملك سلمان وهذا من أهم اهتمامات العاهل السعودي وما الزيارة الحالية إلا تعبير عن الدعم المالي والبترولي.. فضلاً عن الدعم المعنوي: السعودي.. لمصر..