عندما ينشر الإعلام تصريحات لوزير تستفز جهة ما فتنتفض وتصدر بياناً يعبر عن غضبها وبعدها بساعات يصدر الوزير بياناً ينفي فيه إدلاءه بهذا التصريح نكون كمواطنين إزاء حالة من "اللخبطة" المحيرة و"البلبلة" القاتلة فنحن هنا لم نتأكد هل أدلي الوزير بتصريحه المستفز فعلاً وفي هذه الحالة يكون نفيه كذباً يجب أن يحاسب عليه أم انه لم يدل به وتكون الجهة المعنية بالتصريح تسرعت في الرد الغاضب قبل أن تتواصل مع الوزير وتتأكد من الموقف بنفسها وأيضاً نكون إزاء "فبركة إعلامية" تخالف قواعد المهنة ويجب أن يخضع من ارتكبها للمساءلة.
تلك هي خلاصة الأزمة التي ثارت الاسبوع الماضي بين المستشار مجدي العجاتي وزير الشئون القانونية ومجلس النواب وبين نقابة الصحفيين علي خلفية تصريحات نشرت علي لسان الوزير حول مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام وإعداده ومراجعته بعيداً عن النقابة وهو ما أسرعت النقابة إلي التصدي له ببيان يهاجم تصريح الوزير ليخرج الوزير علينا بعد ساعات ببيان نافياً فيه إدلاءه بهذه التصريحات مؤكداً انه ساءه أن ينسب إليه محاولة المساس بحرية الصحافة والإعلام.
بهذا التوضيح انتهت الأزمة وعادت الثقة بين الوزير والنقابة ولكن يظل المواطن في حيرته بين النقابة والإعلام والوزراء فهو لم يقف علي حقيقة التصريح. هل هو صحيح ثم تراجع عنه الوزير بما يعني ان نفيه يتضمن كذباً يجب أن يحاسب عليه أم "فبركة" إعلامية هدفها خلق أزمة في البلد من لا شيء وهذه أيضاً خطيئة لا يجب أن تمر دون حساب ومساءلة مرتكبيها.
وإلي أقصي الجنوب حيث أزمة حقيقية تتطلب تدخل الدولة لفرض هيبتها بالقانون وحيث بحيرة ناصر التي هي واحدة من بوابات الأمل لتوفير الأسماك بأسعار زهيدة للمصريين بما يغنيهم عن ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن. البحيرة يمكن أن يصل انتاجها إلي 45 ألف طن سنوياً بينما لا يزيد حالياً علي 13 ألفاً.
أسباب كثيرة تقف وراء هذا التدهور دون أن تتمكن الحكومات المتعاقبة علي مدي 40 عاما من مواجهة مشكلاتها واستغلالها الاستغلال الأمثل والآن تحاول الجهات المسئولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه عن طريق إصدار قرار غلق البحيرة أمام حركة الصيد لمدة 45 يوماً إلا ان القرار لم ينفذ "بسبب اعتصام الصيادين واعتراضهم علي الغلق وتحديهم لأجهزة الدولة" وفق تصريح صحفي للدكتور مدني علي مدني مدير فرع هيئة الثروة السمكية بأسوان. هنا نحن إزاء أزمة بين ضرورات الصالح العام وبين مصالح فئة من المجتمع تري انها متضررة والمطلوب التوفيق بين الطرفين مع إعطاء الأولوية للصالح العام وفرض هيبة الدولة بتنفيذ قراراتها مع تعويض المتضررين خصوصا ان تضررهم مؤقت بفترة محدودة.