محمد أمين المصرى
أوجاع الدبلوماسية المصرية
عقب واقعة مصرع الباحث الإيطالى جوليو ريجيني، أكد سفيرنا فى روما عمرو خالد أن الحادث لن يمر دون تحديد الجناة وتوقيع الجزاء الرادع عليهم، وان التحقيقات ستتم بشفافية وموضوعية وتعاون مع الجانب الإيطالي. فيما حذر المتحدث باسم الخارجية ممن يسعون لاستغلال تلك الأحداث لإعطاء انطباعات كاذبة لا تستند إلى أى حقائق لتحقيق مصالح معروفة وظاهرة للجميع، ودعا الى ضرورة تفويت الفرصة على أى طرف يتربص بالعلاقات المصرية ــ الإيطالية المتميزة.
ندرك جيدا أن من أوجاع الدبلوماسية المصرية أنها تضطر دائما الى الدفاع عن مواقف داخلية هى فى غنى عنها، خاصة فى ملف حقوق الإنسان الشائك، حيث تتوالى بياناتها ردا على اتهامات دولية وأوروبية، أخرها ما يتعلق بريجينى خاصة بيان البرلمان الأوروبي. نعترف بأن الخارجية تنغمس فى هذا العمل المفروض عليها ويأخذ من وقتها ومجهودها الكثير، ولكن هل تدخلت مؤسسة الدبلوماسية لدى الأجهزة الأمنية لاجبارها على تغيير عقيدتها الأمنية القديمة القائمة على عدم احترام حقوق الإنسان، وهل قرأت الخارجية عن «معتقل التيشرت» الذى لم يكمل عامه السادس عشر ليخرج من المعتقل بعد عامين وهو وعائلته كلهم جراح وهموم من فرط التعذيب وخلافه وضياع مستقبله بسبب جملة نقشها على قميصه. هل سألت الخارجية ضابط الشرطة المسئول عن واقعة هذا الشاب، لماذا زايد عليه و«اتحمق أوى كده» لمجرد جملة «وطن بلا تعذيب».
وهل ستعتذر الخارجية للعالم عن بياناتها المدافعة عن الشأن الداخلى لو اكتشفنا أن مسئولين أمنيين تورطوا فى حادث ريجيني؟ ألم تعلم الخارجية بأن الرئيس كشف فى خطاب مرتجل عن أن واقعة الطائرة الروسية حادثة إرهابية، فى حين لم تعترف أى سلطة فى مصر حتى الآن ــ طيران أو أمن ــ بأن الواقعة ناجمة عن عمل إرهابي.
قلوبنا مع مؤسستنا الدبلوماسية التى تضطر إلى الدفاع عن مسئولين غير وطنيين لم يشعروا بعد بأن مصر دولة يجب أن تسهم فى الحضارة الإنسانية وليس مجرد دولة تظل قابعة فى خانة الدفاع عن النفس أمام العالم..أتمنى ألا يضطر سفيرنا بروما والخارجية إلى الاعتذار قريبا للشعب والحكومة الإيطاليتين.