الأخبار
فاطمة قنديل
فاطميات- تطوير التعليم للأمهات !
بقدرة قادر ما إن تتم استضافة وزير للتعليم في مصر، عاليه، ومتوسطه، وإلزاميه، في فضائية مصرية، وتنفتح المداخلات مع الجمهور، حتي تجده قد تحول من وزير إلي نائب دائرة برلمانية! فبعد أن يستغرق بضع دقائق متحدثا - بزهو وخيلاء- عما ينوي تقديمه من تطوير، بعد زيارته لليابان خصيصا، بحيث نشعر أننا قد انتقلنا إلي «كوكب تاني»- كما تقول أغنية مدحت صالح- نفيق بفاصل إعلاني نرتطم، بعده، بأرض الواقع متمثلة في ردود الوزير وتسجيله في ورقة أسماء أصحاب الشكاوي من طلبة الجامعات الأجنبية، ومعاناة الدبلومة الأمريكية، التي يشعرك أولياء الأمور دائما بأنها كالرقص علي السلالم! لا يعني ارتطامنا شيئا إلا أن الأحلام، والوزراء مثلها، في وادٍ، والواقع في وادٍ آخر، بل إن ما هو أدهي أن وزراء التعليم في مصر، علي كثرة تعاقبهم، لا يفطنون للفارق بين دورهم كواضعي استراتيجيات، ليست هابطة من الكواكب الأخري (ولا يعني هذا بالطبع أنني ضد طلب المعرفة ولو في الصين)، ودورهم كنواب دوائر يحرصون علي تلبية مطالب منتخبيهم، عفوا، متصليهم! ويمكنك أن تدرك حجم «الكارثة» وأنت تشاهد الحلقة الشبيهة بالمناظرة، لخيري رمضان في «ممكن» (7/4)، التي دارت بين إحدي أولياء الأمور، وإحدي التربويات من جانب، واثنين من كبار واضعي السياسات التعليمية في الجانب الآخر. مما يدفعني لأن أقترح علي الإعلامي تغيير اسم البرنامج، في مثل هذه الحلقات، من «ممكن» إلي «مستحيل»! هذا ما كنت أفكر به وأنا أتابع «نا» الفاعلين، التي تحدثت بها الأم طوال البرنامج، والأمهات المتصلات هاتفيا: «إحنا مش عارفين نفهم، إحنا مش عارفين نذاكر..» بينما ينظر إليهما المسئولان بإشفاق قائلين: «نحن نطمئن الأمهات..إلخ». مثل هذا «التواطؤ»،إذا جازت التسمية، ما بين معدي البرنامج حين قسموا المناظرة إلي أمهات ومسئولين، ومن جانب المسئولين تجاه الأمهات، إلي حد قول أحدهما: «أستغفر الله» حين قالت له الأم: «أبوس إيديكو»، بينما أراد الإعلامي تحويل الأمر إلي دعابة، حين رأي أفكار الأم المنظمة، والأوراق المرتبة بعناية (وهو ما لم نره في ايدي المسئولين، اللذين بدا عليهما الاهتمام الفائق بأناقتهما!) فباغتها قائلا:»أخبار جوزك معاك إيه»؟!، حاولت أن أفهم الدعابة في سياق مناقشة أزمة التعليم في مصر ففهمتها ولله الحمد، فدفاع الأم المستميت، وتوسلها لتخفيف المناهج، والمنطق الذي أفحمت به الجميع، وترتيبها للقاء من كتب وملاحظات، كان لابد أن يعني أنها تناقش زوجها «الغلبان معها» بالطريقة نفسها، أي أن «ختام» البرنامج تحول إلي «قفشة» ضاحكة عن معاناة «الأزواج» مع «الزوجات»! لم يستشعر المسئولان أي حرج في «إحنا» هذه، فالسادة الآتون من اليابان، لم يلتفتا إلي أن الأم اليابانية لا تجلس لتذاكر بعد عودة أبنائها من المدرسة كأنها ستمتحن هي أيضا، ولا تذهب بهم، إلي «السنتر» أو «الدرس» ثم تعود لتنظيف البيت، أو للطبخ ليوم العمل التالي، لتمضية الوقت حتي ينتهوا لتأخذهم، الأم اليابانية لا تفعل هذا بالقطع، ولا تعاني من صعوبات الكيمياء لأن المناهج تغيرت، عما كانت علي أيامها! ولأننا لا نستطيع استيراد المناهج «بالأمهات» من اليابان، كان علي السادة المسئولين أن يفكروا في هذه المعضلة- تحديدا: كيف نعلم «التلاميذ» وحدهم، دون أمهاتهم! وكان علي فريق الإعداد أن يضع مكان الأمهات تلاميذ، بدلا من جعلهم يمرون مرور الكرام، بشكاواهم، في تقرير سريع، رغم أهمية ما قالوه! فالتعليم ليس سيارة نستوردها ونعقد الاتفاقات مع شركات بيع قطع الغيار للأسف، والتعليم لن تقوم له قائمة مع مسئول يفتح الكتاب المدرسي ليُطمئن الأم أنه سيحذف من ص7 إلي 10، لتفاجئه الأم بأن ص7 بيضاء! هذا «التواطؤ» وسأكتفي بتسميته تواطؤا، وليس فسادا ممنهجا، الذي يجعل الأسرة، والأمهات خاصة، والدروس والكتب الخصوصية، مشاركين رئيسيين في العملية التعليمية، مجرد «طبلية» تتزاحم فيها الأيدي كلها علي «طبق الفول»، لا علاقة لها باليابان، ولا بالتعليم، ولا «بالسوشي» قطعا!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف