الوفد
سناء السعيد
بدون رتوش-أما آن للمؤامرات أن تنتهى؟
تظل نظرية المؤامرة قائمة تفرض نفسها على ما يحدث فى سوريا. المؤامرة رسمت خيوطها أمريكا منذ أن اجتاحت العراق فى 20 مارس 2003 وأسقطت نظامه.وكان أن اتخذت من أرض الرافدين منطلقا للتحرك نحو دول عربية أخرى من أجل تنفيذ أجندة تعميم الفوضى الخلاقة التى ستمكنها من إسقاط النظم وتفتيت الدول وتجزئتها. ولا أدل على ذلك من أن «كولن باول» وزير الخارجية الأمريكى الأسبق توجه إلى سوريا فى أوائل مايو 2003 أى بعد غزو العراق بأقل من شهرين. وهناك بادر بفرض شروط الاذعان على سوريا. وكان الهدف ترويضها واخضاعها لما يمليه البيت الأبيض. ولكن باءت المحاولات بالفشل، فما كان لسوريا دولة الممانعة أن تذعن لأية إملاءات وهى الدولة التى تتعامل على أساس الندية مع الجميع بما فيها أمريكا الدولة الأحادية القطبية. وهو ما أزعج الأخيرة فقررت إسقاط نظامها.
صارت أمريكا تتحين اللحظة الحاسمة للشروع فى تنفيذ مخططها. استغلت اغتيال «رفيق الحريرى» كذريعة لمحاصرتها وعزلها ولكنها فشلت فى الإطاحة بها. بل إن إخراج سوريا من لبنان لم يضعفها. استغلت أمريكا العدوان الإسرائيلى على حزب الله فى يوليو 2006 فى محاولة لتوريط سوريا فى الحرب وفشل المشروع. وأخيرا استغلت ما سمى بثورات الربيع العربى لإزاحة النظام من الداخل بعد أن فشل منطق التعويل على الحروب. ظنت أمريكا أن إثارة الداخل فى سوريا سيحقق لها مبتغاها وأن إسقاط النظام سيتم فى غضون شهر أو شهرين لا سيما مع حشدها للضغط الدولى والتحريض الاعلامى ودعم الارهابيين ممن وفدوا من أنحاء العالم بالسلاح والمال والدعم اللوجستى. وخاب فألها بعد صمود الجيش النظامى السورى على مدى ما يزيد على خمس سنوات، فلم يسقط النظام ولم تضعف سوريا.
واليوم ورغم استئناف مفاوضات جنيف عاد البيت الأبيض من جديد ليشرع سلاح التدخل القسرى فى شأن داخلى صرف يخص الشعب السورى وحده ألا وهو مصير الرئيس «بشار» عندما أكدت إدارة أوباما بوجوب ألا يكون بشار جزءا من أى حكومة وحدة وطنية انتقالية، وأن مشاركته أمر غير مطروح للنقاش. وكان من الطبيعى أن تسارع المعارضة السورية المحسوبة على الخارج بالتماهى مع هذه الرؤية وتتحدث عن انتقال سياسى وتشكيل هيئة حكم انتقالى كاملة الصلاحيات بما فيها صلاحيات الرئيس، وأنه لا يمكن للأسد أن يبقى ولو ساعة واحدة بعد تشكيل هذه الهيئة.
لو سلمت النوايا واتجهت الجهود نحو الخروج من الاستعصاء الراهن فى سوريا وانهاء أزمة طالت على مدى خمس سنوات لأمكن عندئذ حل المعضلة. وهذا لن يتأتى إلا إذا التزمت كل الأطراف التى تدخل على خط الأزمة فى محاولة للحل بألا تقترب من الجزئية التى تتعلق بالرئيس السورى، وأن تتخلى بالتبعية عن جملة مطاطة طالما رددها المتآمرون: (يجب على الرئيس بشار أن يرحل)، فهذه ليست مهمة أى دولة خارجية أو معارضة مأجورة محسوبة على الخارج. إنها شأن داخلى يخص الشعب السورى وحده، فهو الذى يحدد من يحكمه. لهذا يحمد لمصر موقفها الثابت بعدم التماهى مع المطالبين برحيل الأسد لأنها تدرك بأن هذا لو حدث لا سمح الله سيكون البديل كارثيا حيث سيمتطى الإرهابيون صهوة السلطة بما يعنى ضياع سوريا ودخول المنطقة فى براثن المجهول.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف