محفوظ الأنصارى
وقفات وتأملات - المطلوب.. مزيد من العمل.. فالمشوار طويل..!!
هل يمكن القول دون حماس ودون مبالغة ودون تجاوز.. ان ما حدث في شرم الشيخ بكل تفاصيله وأبعاده ومحتواه ومضامينه.. هو الثورة الثالثة التي قام بها أهل مصر علي امتداد أربعة أعوام متتالية.. في 25 يناير ..2011 وفي 30 يونية ..2013 ثم في 13 مارس ..2015 وان دوافع وأسباب الثورات الثلاث واحد وان الأهداف من ورائها جميعا هي. هي ولم تتغير.. بل الأكثر من هذا.. هو ان عناصر قوتها وعناصر تفردها ظلت متواصلة وضاغطة لا تلين.. ولا تنحرف وهي رفض الواقع القائم بكل الاصرار والتشبث بالتغيير كما ان عوامل الضعف ومكونات وعناصر التفكك التي يعانيها الشعب المصري.. بأفراده ومؤسساته وقواه وجماعاته ظلت معششة وفاعلة وكامنة ومؤثرة.. ولم تتطور أو تتغير..
من هنا ونحن نسعد ونفخر بالثورة الثالثة التي تفجرت وانطلقت من شرم الشيخ.. علينا أن نعيد النظر ونتوقف ونتأمل ونبحث معاً عن الأسباب التي تمسك بنا وبقوة للبقاء والاستمرار علي ما نحن فيه.
***
صحيح ان عددا من مظاهر التغيير قد لاحت في الأفق وان قيادات وطنية حقيقية قد أخذت في شق طريق التغيير والتقدم وأمسكت في يديها بعدد من مفاتيح الحل والحركة.. إلا ان الأمر المؤكد.. هو ان المسألة أكثر خطورة وصعوبة مما يبدو ظاهرا فوق سطح الواقع والأحداث وان المتربصين أكثر خبثا وأكثر مكرا ويتحينون الفرص للعودة والانقضاض علي الوطن ومقدراته بالمزيد من العنف والمزيد من الفوضي والجريمة..
هذه الحقائق والنتائج والتوقعات.. الإيجابي منها والسلبي علي حد سواء.. يفرض علينا جميعا.. قادة وشعبا أن نبدأ وعلي الفور وضع برنامج عمل شامل ومتكامل يجمع بين جنباته كل عناصر المجتمع.. كل قواه الفاعلة. كل مؤسساته ومجمعاته.. شريطة أن يتضمن برنامج العمل المقترح والمطلوب كيفية ووسائل.. بناء وتشكيل الكوادر الفنية والعلمية والسياسية التي تتولي مهمة الإدارة الجديدة في كل فرع وفي كل تخصص..
هذا البناء للكوادر الفنية والعلمية يستلزم إنشاء وقيام كيانات متخصصة مهمتها تفريخ وتخريج.. وقبلها تعليم عناصرها وتلقينهم الأصول الحديثة للنهضة وللتقدم.. مطلوب أيضاً من هذا البناء أن تتضمن مناهجه وبرامجه.. أساليب وكيفية غرس قيم العمل وفضائل حسن السلوك وأصول التعامل علي المستويين الفردي والجماعي خاصة ان الأربعين سنة المنصرمة قد أفقدت الأفراد والجماعات معظم قيم الأخلاق والفضيلة.. بل وقيم الدين الحنيف.. قيمه النبيلة.
مطلوب قبل هذا وبعده.. حرب ضد الجهل وضد الأمية.. إلي جانب التوسع غير المحدود لمراكز تدريب وتأهيل وتعليم تتجمع داخلها الآلاف بل والملايين ممن لم تتيسر لهم سبل التعلم والمعرفة والتأهيل.. لكل جهد وعمل صغر أو كبر..
البرنامج يحتاج أيضاً إلي اهتمام غير عادي بإفراز وإنتاج كوادر عليا رفيعة المستوي تتوفر لديها المعرفة الأصيلة والمعمقة لما وصل إليه العلم الحديث من علوم ومعارف وأساليب عمل.. وهذا يستلزم تعاونا وتفاعلا وتخطيطا بين الدولة بمؤسساتها وأجهزتها المتعددة وبين القطاع الخاص بما يمتلك ويسيطر عليه ويدير من أجهزة ومشروعات ومؤسسات وأن تكون الجامعات والمعاهد العلمية والفنية والأجهزة والمؤسسات المتخصصة طرفا أصيلا في مهمة الولوج إلي الآفاق الجديدة في عالم التقدم والنماء.
***
والسؤال.. هل يمكن أن يتحقق ما أشرنا إليه وغيره كثير بعيدا عن دور رشيد وفاعل للإعلام؟!
بالتأكيد لا.. خاصة ان من يمسكون بالاعلام وأدواته ووسائله قد أصبحت حكرا علي أصحاب المليارات وأصبحت الوسيلة الوحيدة والمؤثرة في أيدي من يتاجرون بالدين وينشرون الرذيلة والدعاوي الكاذبة والسلوكيات المنحرفة والغريب ان عددا ضخما وكبيرا من هؤلاء المستغلين للدين قد انسحبوا من الساحة المصرية واختاروا العيش.. بل واختاروا النضال الكاذب من بين أحضان من جندوهم ودربوهم وعلموهم في بلادهم في أمريكا والمانيا وانجلترا وقطر وتركيا.. وغيرها.. وما أكثر ما يقدمه هؤلاء الخونة.. هؤلاء الفارون من أرض الوطن.. ما أكثر ما يدفعون به إلي وسائل الاعلام الدولية. كل يوم وكل لحظة. فها هو ما يطلقون عليه "المجلس الثوري للإخوان!!".. يخرج علينا من جنيف.. من سويسرا.. يتحدث عما أطلق عليه "حرية التعبير والرأي" ليهاجم وبعنف المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ ويدعو في بياناته عدم المشاركة في المؤتمر ويحذر المستثمرين الأجانب من ضخ أموالهم واستثماراتهم في مصر.. وجاءت النتيجة كما نعرف جميعا.. مصر كلها مع المؤتمر.. وله.. والعالم علي اختلاف مشاربه واتجاهاته جاء وشارك.. لكن يبدو ان الغباء لا حدود له.. والخيانة واصلة إلي لا نهاية والأموال الحرام التي لم يبذل المتحكمون فيها أي جهد في الحصول عليها أو جهد رشيد لإدارتها.. هي وحدها السبيل للاستمرار في التآمر وفي التخريب وفي تجنيد الغلابة والعملاء في نفس الوقت.
***
ورغم كل ما تقدم تبقي حقيقة أكيدة وهي ان الشعب المصري كله عازم علي تغيير هذا الواقع الأليم الذي نعيشه.. قد يستوجب هذا التغيير المبتغي والمطلوب.. وقتا وصبرا.. ويستوجب وبالضرورة جهدا وفكرا.. ورؤية وإبداعآً.
يستوجب كذلك كفاحا وحربا ونضالا مستمرا ومتواصلا ضد كل الأعداء.. من بقي منهم بالداخل ومن هرب جبناً وطمعا في المال والجاه بالخارج.. كفاحا ضد الأعداء التقليديين الذين لا يتعلمون ولا يتراجعون ولا يتوقفون عن وضع المخططات والمؤامرات ضد مصر وضد دول العالم الثالث.. في حين ان أحدا لم يعتد عليهم ولا أحدا مس بلادهم بسوء.. انما هم القتلة والمخربون.. كان الظن أو حسن النوايا.. وبعد هذا الدمار والعنف الذي يغطي اليوم مساحات لا حدود لها من أرض المعمورة..
أن يعيد المخربون والمجرمون المحليون حساباتهم.. وأن يعيد المخططون والمدبرون من قوي الاستعمار القديم والجديد مواقفهم خاصة ان العنف والجريمة أصبحت لا تعرف حدودا.. وانها وبكل تأكيد واصلة إليهم.. إذا ما استمرت المواقف والرؤي علي ما هي عليه.
لقد قتلوا الملايين.. وأنفقوا المليارات.. وخربوا البلدان.. وبقيت الأوضاع تتغير وتتحول في اتجاه غير الذي خططوا ودبروا له.. فهل من نهاية لهذا العبث.. وهل من ضمير نائم.. حان وقت يقظته..
يبدو اننا مازلنا في حاجة لمزيد من الوقت.. فالمشوار طويل..