أشرف محمود
السعادة فى زيارة رفيع التاج
يبدو أن عالمنا انزلقت أقدامه بكاملها فى أعماق محيط هادر أمواجه عاتية، بفعل الأحداث اليومية التى لاتعرف الرحمة ولاترع حرمة ولاتقيم وزنا لدين أو عرف، إذ تداخلت الخيوط وتشابك الغزل لدرجة يصعب معها التفريق بين الالوان أو مايميز فى التصرفات مابين الانسان والحيوان، أو يضع حدا فاصلا بين الصواب والخطأ، اختلط الحابل بالنابل، ولم يعد احد لديه القدرة على التفسير والاقناع، لماذا ماهو كائن الآن، وإلى أى مدى سيصل، ومتى الخلاص منه، وهل يمكن أن نصحو يوما وهذا الكابوس قد انزاح، وعاد للعالم صفاؤه وللنفس البشرية سلامها ، وعم التسامح ارجاء المعمورة، هل سيأتى يوم نحذف فيه من قاموسنا اسم داعش والقاعدة ومن على شاكلتهما من المنظمات الإرهابية، التى ترفع راية الدين الاسلامى وهو منها براء، مدعية انها تدافع عنه بينما الواقع يقول انها أول من يسيء إليه، ومثلهم من يدعى حب الوطن بالحناجر بينما القلوب والعقول موجهة ضده بفعل تعليمات من ينفخون جيوبهم بالاموال، يفتحون الطريق امام طعنات الخارج لوطنهم سياسيا واقتصاديا، ويستغلون أى قضية فى نفث سمومهم بداعى الحريات والديمقراطية حسب مفاهيمهم، مئات من ابناء الوطن الشرفاء قدموا أرواحهم فداء لبلدهم، وقبلت أسرهم المصاب بايمان بالله وانتماء للوطن، ولم يتاجروا مثلما يتاجر اصحاب الانتماءات والولاءات الخارجية التى تسبق عندهم الانتماء للوطن، ومن عجب ان الدولة تقف عاجزة فى معظم الوقت امام هؤلاء، ولاندرى سبب هذا العجز وتأجيل فتح القضايا المتعلقة بهم، حتى تصريحات المسئولين تتعارض فى هذه القضايا وكأنهم لاينتمون لحكومة واحدة وانما يمثلون جزرا منعزلة لارابط بينها، وهو مايزرع التشكيك فى مصداقية مايصدر عنها حتى فى القضايا الواضحة وضوح الشمس، لكن تعارض الاراء والرؤى فى هكذا قضايا يمنح الاعلام السطحى واصحاب الاجندات فرصا ذهبية للى ذراع الحقائق، حتى بتنا ننام ونصحو على كوارث بسبب تضارب التصريحات وحتى القرارات ولنا فى قرار تعيين ابوسمرة المحسوب على جماعات الجهاد وله آراء معروفة ومسجلة، نائبا لحى العجمى المثل ، والعجيب ان الأمر مر ولم نعرف من رشحه ومن وافق عليه ومن قرر تعيينه، ثم من ألغى القرار، ان وزارة التنمية المحلية تغط فى سبات عميق لم نكن نتصور ان بيروقراطيتها اقوى من جرأة الوزير أحمد زكى بدر الذى ثبت فى أكثر من موقف انه ضل الطريق إليها، وهو مايترجم واقعنا، وفقدان الحكومة لبوصلة التواصل الصحيحة مع الناس من خلال جهاز اعلامى واع ويقظ ، والامر ينسحب على هيئة الاستعلامات التى ثبت فشلها فى كل القضايا التى خاضها الوطن خارجيا ، فلم تنجح فى تقديم الرأى المصرى للعالم ليقف حجة فى وجه اعداء مصر المتحدثين عن الاختفاء القسرى وحقوق الانسان.
لكل هذا فإن الاجواء التى نعيشها لم تعد مشجعة على التعاطى مع السياسة التى ربما لم يكن فيها مايمنح الأمل فى غد أفضل إلا استقبال مصر لضيفها الكبير الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين، رفيع التاج من آل سعود، الذى يحل ضيفا على شقيقه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليضخا معا دماء جديدة فى شرايين التكاتف العربي، ويوجها معا رصاصة الرحمة للمتربصين المشككين فى متانة العلاقة بين مصر والسعودية قيادة وشعبا ويسعون دوما لدق آسافين التوتر والتجافي، لكن بفضل الله دوما ستبقى العلاقات بين القاهرة والرياض عنوانا للتميز والقوة والتكامل، فآل سعود منذ الملك المؤسس عبدالعزيز يرحمه الله تحظى مصر لديهم بمكانة خاصة، لم تتزحزح قيد انملة طيلة التاريخ بفعل ترهات السياسة أو مراهقة النشطاء أو أسافين شياطين السياسة، نعم من الممكن ان يكون هناك اختلاف فى الرؤى بين البلدين لكنه أبدا لم يرتق لمستوى الخلاف والفارق كبير بين الخلاف والاختلاف لأن الاخير يبقى من طبيعة البشر وفى أمور محددة لاتؤثر أبدا على متانة العلاقة وجذورها الممتدة فى اعماق التاريخ، من هنا تكتسب زيارة العاهل السعودى الكريم أهمية شعبية فوق رسميتها عند المصريين الذين لاينسون ابدا مواقف آل سعود الكرام فى الاتراح قبل الافراح، فمرحبا برفيع التاج فى بلده وبين أهله المحبين له ولبلده ارض الحرمين الشريفين التى تتوق اليها الافئدة.