خلال الزيارة التاريخية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لمصر ـ التي بدأت الخميس الماضي ـ ووقع خلالها 23 اتفاقية منها 15 اتفاقية بين حكومتي البلدين، و8 اتفاقيات بين القطاع الخاص في كل مجالات التعاون، وكان الخبر الأبرز ما أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين، بالعمل علي إنشاء الجسر البري للربط بين البلدين وهو ما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي إطلاقه اسم جسر الملك سلمان، ليكون بداية حقيقية للتحول في علاقات التبادل التجاري وحتي سرعة التنقل وتسهيل حركة السياحة والتجارة.
ليس سرا القول إن هذا الجسر كان قد تم طرح فكرته من قبل وحدثت اعتراضات علي استمراره، ومع مجيء الملك سلمان دار حوار مع الرئيس السيسي في جلسة المباحثات الثنائية. واتفقت الإرادة السياسية بينهما علي إعادة الفكرة مرة أخري، ونظرا لأهمية هذا الموضوع، فقد أثار الكثير من المتابعين لهذا القرار فمنهم من ذهب ـ كالعادة ـ إن الرئيس باع جزيرتي صنافير وتيران للمملكة أو حتي تنازل عنهما، وهؤلاء معروف توجهاتهم ممن لا يقرأون ولم يبذلوا أي جهد لمعرفة حقيقة الجزيرتين، فالأولي «صنافير» هي سعودية وتقع في المياه الإقليمية للمملكة، ومنحها الملك فيصل لمصر لتكون نقطة انطلاق ضد إسرائيل، بينما تيران هي مصرية وتقع علي مسافة 6كم من ساحل شرق سيناء، واحتلت إسرائيل الجزيرتين في حرب 67، وبعد نصر أكتوبر واتفاقية كامب ديفيد خضعت صنافير للقوات الدولية دون وجود مصري أو سعودي.
فلا يملك أحد أن يتنازل عن شبر من الأرض خاصة ممن خدموا في القوات المسلحة ومنهم الرئيس السيسي، بينما الذي كان في طريقه لبيع الوطن كله هو الجاسوس مرسي، وربما يحتاج إنشاء جسر الملك سلمان إلي دراسات فنية عديدة لتحديد مساره بين منطقتي رأس نصراني وخليج تيران بطول 23كم، لكن تم تغيير هذا المقترح، ورؤي أن يكون الجسر عند مدخل خليج العقبة ليبدأ في الشاطيء الغربي عند رأس نصراني القريبة من شرم الشيخ، ليعبر المياه العميقة حتي جزيرة تيران من خلال كباري معلقة ـ مثل كوبري السلام أعلي القناة ـ ثم يمتد إلي كباري عادية من تيران حتي الشاطيء الشرقي بمنطقة رأس حميد بالمملكة، ويجب مراعاة عدم تدمير الشعاب المرجانية والمقصد السياحي لرياضة الغوص التي تتميز به جزيرة تيران التي تعد من المواقع التي يرتادها السياح.
هذا التطور في العلاقات المصرية ـ السعودية سيكون له أثر كبير في حركة المسافرين والتجارة الدولية ونقل البترول من المملكة إلي سيناء ومنها إلي خطوط سوميد بالاسكندرية حتي جنوب أوروبا، وحسب التقديرات فإن عملية الانشاء سوف تستغرق ثلاث سنوات وبتكاليف قد تزيد علي 5 مليارات دولار، ويبلغ ارتفاع الجسر في المياه العميقة نحو 70 مترا بما يسمح بعبور السفن والناقلات العملاقة والبواخر، وسينقل الجسر حركة التجارة من آسيا إلي إفريقيا في وقت قياسي، وسوف يستخدم لتسهيل حركة الحجاج والمعتمرين، ما يجري في القاهرة بين الزعيمين العربيين هو تحالف مصري ـ سعودي إستراتيجي، فزيارة خادم الحرمين الشريفين ونتائجها صفعة علي وجه من حاولوا الوقيعة بين الأشقاء، كفاكم تشكيكا في بلدكم.. مصر لا تبيع شبرا واحدا من أرضها.