محمد جبريل
ع البحري- الوطن العربي.. ومهمة داعش
التقارير الدبلوماسية والإعلامية في الغرب تتحدث عن قرب زوال دولة داعش. السبب نضوب موارد التنظيم لتقلص المساحات التي يسيطر عليها. بما تضمه من ثروات نفطية هائلة. أنفق منها علي رواتب المنضمين إليه. وعلي شراء الأسلحة والمعدات التي شن بها حرباً قاسية ضد العديد من أقطار الوطن العربي.
والحق أن تجفيف الموارد ليس هو المؤشر الوحيد لزوال دولة داعش. بل إنه يبدو مؤشراً هامشياً إلي جانب الأسباب الفعلية التي أتاحت للتنظيم الإرهابي أداء دوره في المنطقة العربية.
كان احتلال البصرة ــ أهم المدن النفطية في العراق ــ بداية تعرف العالم إلي داعش. حددت الأرقام عدد أفراده في البداية بأنهم لا يزيدون عن خمسمائة فرد. ثم أثبتت توسعات التنظيم في امتداد المنطقة أنه قد أحسن إعداده. وتسليحه. وتمويله. لأهداف محددة. في ظل غياب الوعي والتخاذل. أو التواطؤ. واستطاع التنظيم بالفعل أن يضعف القوة المسلحة في أقطار عربية مثل العراق وسوريا ليبيا واليمن. بل إن الجيش السوري الذي كان قوة رادعة مهمة بين جيوش العالم. يعاني الآن نقصاً هائلاً في قواه البشرية والتسليحية. ولولا الدعم الروسي ــ باعتراف النظام السوري ــ ربما كانت تظل الأوضاع القتالية في صالح التنظيم الإرهابي. وتنظيمات إرهابية أخري أفرزتها المؤامرات. منذ أفلح داعش في ضم أراض سورية. إلي جانب ما استطاع السيطرة عليه من أراضي العراق.
صورة القوة المسلحة العربية قبل النشوء المفاجئ للتنظيم الإرهابي. تختلف عن الصورة التي هي عليها الآن. بما يؤكد أول الأهداف التي أنشئ التنظيم لتحقيقها.
بالطبع. فإن هدم القوة المسلحة قد أثر في اقتصاديات الأقطار العربية. وهو ما لا نستطيع أن نفصله عن تدني أسعار النفط. إلي حد تأثرت معه ميزانيات أقطار الخليج. بما فرض إجراءات اقتصادية لم تكن موجودة من قبل. منها فرض الضرائب علي الدخل. وإيقاف ما كان قد بدأ تنفيذه من مشروعات مستقبلية. والاستغناء عن الآلاف من الأيدي العاملة الأجنبية.
ولأن المؤامرة أحسن تدبيرها. فقد وضعت في أولوية أهدافها سلب المقومات التراثية والحضارية للوطن العربي بتدمير متاحفه المغلقة كما في بابل. والمكشوفة كما في تدمر. وسرقة آلاف المنحوتات والقطع الأثرية النادرة. وبيعها في متاحف الغرب وأسواقه.
أما أخطر الأهداف فهو الارتباك الذي تشهده أقطارنا العربية. منذ اقتحم داعش حياتنا. حتي الأقطار التي لم يتسلل التنظيم إلي أراضيها. تأثرت بنتائج حربه الإرهابية في الوطن العربي.
الاقتصار علي نسبة أفول داعش إلي نضوب الموارد. تضليل صارخ. فقد كان استغلال الموارد جزءاً من مؤامرة شاملة. أحسن ــ للأسف ــ تدبيرها. وتشمل تحطيم كل القدرات العربية. بداية بالقوات المسلحة. وانتهاء بالمواطن العادي الذي فر من الموت. ليبتلعه البحر في الطريق إلي المجهول.