نشوى الحوفى
بعنا الجزيرتين وقتلنا «ريجينى».. لعن الله الجهل والغضب
أرجوك أن تقرأ كلماتى فى إطارها، دعك مما تردده بين نفسك سلباً أو إيجاباً، استمع لصوت الضمير والمنطق لدقائق ثم عاود قوْل أو فعل ما تراه بعدها، ليس من أجلى ولكن من أجل أرض هى كل ما نملك ويراها غيرك فرصة أبدية سعى وسيسعى لاستغلالها، وأبناء لا نتمنى لهم سوى السلامة والعيش برقى وأمان فى الحياة.
سيدى الفاضل، أياً ما كنت.. لم تبِع مصر ولم تتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير؛ فأرجوك أن تركز فيما تم بثه من أخبار قبل أن تنساق وراء مانشيتات مجهولة أو تنفعل من أخبار عارية من الصحة بينما تجهل حقيقة تلك الجزر. فالسيسى لم يبِع أرضه لأنه كغيره من أبناء هذا الجيش على استعداد للموت ذوداً عن كل ذرة رمل على أرضنا فتلك عقيدتهم، كما أنه لا يملك فعل البيع أو التنازل لأنه لا يملك توكيلاً منك. التاريخ يقول إن السعودية منحت مصر السيطرة على الجزيرتين فى عام 1950 فى أعقاب حرب فلسطين وإعلان دولة إسرائيل عام 1948 إدراكاً لأهميتهما الاستراتيجية بعد تغير الظروف السياسية. التاريخ يقول إن الجزيرتين تم احتلالهما مرتين، كانت الأولى فى عام 1956 وانتهت بوجود قوات دولية عليهما، ثم فى أعقاب حرب يونيو 1967 بعد طرد القوات الدولية منهما. التاريخ يقول إننا تفاوضنا عليهما أثناء معاهدة السلام ووقعتا فى إطار المنطقة «ج»، وكان الإصرار على عودة القوات الدولية لهما لضمان سيولة الملاحة البحرية عبر المضيق الحامل لاسم تيران والمؤدى لخليج العقبة وميناء إيلات الإسرائيلى. نعم، أدركنا ومنذ سنوات قيمتهما الاستراتيجية فسعينا لإعلانهما محميات طبيعية برعاية أممية عام 1983، وأصدرنا قراراً جمهورياً عام 1990 بترسيم حدودنا من غربهما ضماناً لبقائهما تحت السيادة المصرية، ولكن كل هذا لا ينفى واقعاً تاريخياً للسعودية بتبعيتهما لها. ولذا كان قيام بلادك بتوقيع اتفاقية لبدء ترسيم الحدود البحرية مع المملكة. ركز فى العبارة من فضلك «بدء ترسيم» وليس «إعلان ترسيم» وشتان بينهما. فالبدء يعنى اتخاذ الخطوات المتعارف عليها من مباحثات ومفاوضات وتقديم أوراق الطرفين والتفاوض على مصالح الطرفين أيضاً. بينما يبقى فى دستورك مادة تنص على حقك فى إبداء الرأى فيما يتم عبر استفتاء شعبى. دعنى أسألك إذن: لِمَ كل تلك الضجة المقيتة التى انسقت وراءها دون علم وبغضب أحمق أعمى عينيك عما تسعى له بلادك وأرضك؟
سيدى الفاضل أينما كنت.. لن أتناقش فى من قتل الطالب الإيطالى «ريجينى» فى مصر، لأن تلك تحقيقات أنتظر إعلانها بشكل رسمى من جهاتها المختصة. ولكن دعنى أسألك «هل من المفترض أن تكون أنت سلاح عدوك فى تثبيت الاتهام على بلادك دونما دليل سوى تلك الصورة الذهنية التى ترسمها عن شرطة بلادك؟ هل من العقل أن تتناقل أخبار بعض وسائل الإعلام الإيطالى المنقول لهم من رسالة تليفونية مجهولة المصدر كما ذكرت وكالة الأنباء الإيطالية وهى تتهم لواء شرطة مصرياً دونما دليل واحد، بينما تتجاهل إعلاماً إيطالياً آخر تحدث عن علاقة المجنى عليه بجهاز المخابرات البريطانى وأن قتله ربما جاء نتيجة تلك العلاقة؟ هل من المفيد أن تتجاهل تحول مسار القضية من الشق الجنائى للشق السياسى فى خضم ما تواجهه بلادك من تحزب مخابراتى ضدها بعد نجاحها فى الهرب من مصير ظنوا أننا واقعون فيه؟ هل تتفق ومطالب الجانب الإيطالى المتعنتة بتفريغ جميع المكالمات التى تم إجراؤها فى حيَى الدقى والمهندسين، المحيطين بمنزل ريجينى قبل ثلاثة أيام من وفاته، والتى قد تصل إلى مليونى مكالمة دون إبداء أى دليل يوضح أساس الطلب، بينما لم تطالب الإيطاليين بنفس مطالبهم حينما عجزوا عن تقديم تفسير واحد لاختفاء مواطنك المصرى عادل معوض منذ 5 أشهر؟».
ولذا دعنى أرددها عليك.. بلادك لم تتنازل عن تيران وصنافير، بلادك لا تخفى معلومات فى مقتل الإيطالى الذى بات مسماراً جديداً فى حائطها، بلادك بحاجة لتفهمك فى حال عجزت عن مساعدتها.. فلا تكن ظلوماً جهولاً.