المساء
مصطفى بدوى الخطيب
مساء الخير- الاتجاه جنوبا
منذ وفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في أول السبعينيات ونحن نسمع مصطلحات مثل الاتجاه غرباً نسبة إلي أمريكا وأوربا. وأيضاً الاتجاه شرقاً نسبة إلي اليابان والصين.. وكذلك الاتجاه شمالا نسبة إلي روسيا ودول أوروبا الشرقية.. وللأسف الشديد نسينا تماماً اتجاه الجنوب.. أفريقيا والتي تعتبر بحق العمق الاستراتيجي لمصر.. بل هي الأمل الكبير لبدء انطلاقة كبري نحو التنمية.. أفريقيا التي كانت ملء العين القلب في الخمسينيات والستينيات.. تركناها لإسائيل تمرح بها كما تشاء في القرن الواحد والعشرين.
لي صديق كاميروني يدرس بجامعة الأزهر ويعيش بالقاهرة مع أسرته الصغيرة قال لي ذات مرة: كل الأفارقة يحبون بل يعشقون مصر والمصريين أكثر من أي شعوب أخري.
قلت له: لماذا؟
قال: مصر بلد الأزهر تستقبل طلابا من جميع دول العالم.. ومنتهي حلم الطالب المسلم الأفريقي أن يتعلم في بلد الأزهر.
قلت: وماذا عن صورة غير المسلم عن مصر؟
قال: الشعب المصري معروف لدينا بتواضعه وبخفة دمه.. فنحن قد نسمع من يقول لنا في أي بلد آخر.. تعالي يا أسود أو يا زنجي.. أو التعامل معنا بطريقة عنصرية نحن لا نحبها.. لكن هذا لا يحدث اطلاقا في مصر.. وأقصي ما يقوله لنا المصري "يا سمارة".. وتكون من باب الدعابة فقط.. كما اننا نري المصري نفسه يقولها لمواطنه.. بل من الممكن أن يقولها لشقيقه من باب الدعابة.
وتابع: كما أنك تسير في شوارع المدن المصرية وتتعامل مع المواطنين فلا تعرف المسلم من المسيحي إلا أمام المساجد والكنائس..
قلت له: وماذا عن مصر الآن في افريقيا؟
قال: مصر بعيدة الآن عن أفريقيا وبالتحديد منذ حادث مبارك في أديس أبابا عام ..1995 وترك الساحة للدول الأخري والتي جاءت تبحث عن مصالحها وأهمها اسرائيل التي استغلت فقر الدول الافريقية في الاضرار بمصالح مصر.. وبالتالي الأجيال الجديدة في أفريقيا تعرف مصر فط من كتب التاريخ.. ولكنها تتعامل علي أرض الواقع مع الجهات المانحة والتي يندس تحت هذا المسمي مخابرات دول لها أهداف لا نعلمها.
قلت له: وماذا عن عودة مصر إلي أفريقيا الآن؟
قال: ستكون بداية انطلاق لمصر وأيضاً للدول الأفريقية.. اقتصاديا وسياسياً.. ومن خلال تواجدي بمصر استطيع أن أؤكد أن مصر تمتلك مقومات اقتصادية كبيرة تستطيع من خلالها النجاح رفي السوق الافريقية.. فهناك بضائع وسلع أسعارها منخفضة جدا في السوق المصري مع انها مرتفعة الثمن في الكاميرون- مثلا- والعكس هناك سلع مرتفعة الثمن في السوق المصري ومنخفضة جدا في الكاميرون.
قلت: تقصد أن السوق الأفريقي واعد:
قال بالطبع.. مطلوب عودة مصر إلي أفريقيا ثم دراسة السوق الاقتصادية.. ودعوة لرجال الأعمال ليشاهدوا الأوضاع علي الطبيعة.. واستغلال علاقة الود التي يكنها الأفارقة للمصريين.. مع ضرورة الاهتمام بمد شبكة مواصلات برية داخل القارة علي غرار خط القاهرة كيب تاون في جنوب أفريقيا المزمع الانتهاء منه العام القادم.
قلت: لماذا المواصلات والطرق؟
قال: لأنها الأوفر والأرخص.. كما أن هناك عددا كبيرا من دول قارة أفريقيا مغلقة وليس لها سواحل علي البحر.. ومن السهولة الوصول اليها عبر شبكة الطرق.. بعد انتهاء الحديث مع صديقي الكاميروني تذكرت أزمة سد النهضة في أثيوبيا وأن سببها تجاهل الجنوب.. وقلت في نفسي. الأنظمة السابقة لم تنس فقط جنوب القارة.. بل نسيت جنوب مصر نفسه!!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف