المأخذ الأول، الذى تتفرع منه مآخذ أخرى، حول إعلان تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، هو التغاضى عن أنها سابقة ربما لم تحدث فى تاريخ مصر الحديث، مما كان يُوجِب أن تُولَى اهتماماً خاصاً، يبدأ بضرورة أن يُعلَن الموضوعُ على الرأى العام، قبلها بفترة كافية، بتفاصيله وحججه وبالردود الشافية على الانتقادات المتوقعة، خاصة بعد أن تبين من ردود الأفعال الأولية أن الخلافَ فيه كبيرٌ بين المتخصصين.
كما أنه لم يكن أفضل سياق لإعلان الموضوع أن يجئ مع مشروعات سعودية معروضة فى إطار مدّ يد العون إلى مصر فى أزمتها، فبدا التنازل عن الجزيرتين وكأنه شئ مقابل شئ.
كما لم يُحسَب الانطباعُ المبدئى بشبهة المقارنة بين هذا التنازل وبين مشروع الإخوان فى التفريط فى جزء من أرض سيناء تحت عنوان حل المشكلة الفلسطينية، والهجوم الذى تَعرَّض له وَوَأَدَ الفكرةَ فى مهدها. كان التفريق بين هذا وذاك أمراً أساسياً، مع تفسير كيف يتوافق القرار مع القيد الذى فرضه الدستور على رئيس الجمهورية.
وإذا كان الأمر، كما قيل، لايزال مرهوناً بموافقة مجلس النواب، فما هو الذى جرى التوقيع عليه إذن؟
كان فى عرض الموضوع للنقاش العام فوائدُ جمّة: إذا كان هناك اتفاق عام على حق السعودية فى الجزيرتين، أن يجئ الإعلان على أرضية مدعومة برضا عام. وإما إذا كانت النتيجة بالرفض، فكان هذا كافياً للانتباه إلى خطورة طرح التنازل، لحماية البلاد من الانقسام الذى تبدو بوادرُه فى الأفق، والذى لا يجوز أن يوجَّه كلُّ اللوم فيه إلى من يُقال عنهم إنهم فئة مُغرِضة.
الموضوع خطير، ويمكن ونحن فى بداياته، أن تُجرى معالجتُه، بمزيد من الشفافية التى تراعى الخصوصية الشديدة التى يوليها الشعب المصرى لأرضه، على أن تكون البداية بطرح كل التفاصيل على الرأى العام، مع أهمية الإفصاح عن الاحتمالات المستقبلية، خاصة السؤال المهم: ماذا سيحدث إذا رفضه مجلسُ النواب أو الاستفتاء الشعبى؟
*لغة: من معانى الغَرَض: شِدّة الشوق إلى الشئ، والهدف فى الرماية، والقصد والنية. وفى كلمة المُغرِض إيحاءاتٌ بكل هذا.