الأخبار
الشيخ صالح كامل
كوامل- التوافق في الرؤية والتنفيذ والتطابق في الآمال والأهداف
ابتُلِي العالم العربي بمصائب هدمت ركنين من أركانه الأربعة، فتهاوت العراق، وتبعثرت سوريا، ولم يبق إلا مصر والسعودية، تركز عليهما معاً الأمة كلها

سبعة عشر اتفاقاً.. تم توقيعها بين مصر والمملكة تحت أنظار خادم الحرمين الشريفين، وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.. بمتابعة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ودولة رئيس وزراء مصر المهندس شريف إسماعيل، وكل اتفاق من هذه الاتفاقيات تحتاج لمقال مستقل.
ولا أظنني أتباهي حين أشير إلي رجائي الدائم والمعلن منذ أمد، إلي ضرورة أن يصب العون والمساندة في كل اتفاق بين بلدين، في صالح الشعب أولاً وثانياً وعاشراً.. فالاتفاق في معناه الشامل هو التوافق في الرؤية والتنفيذ، والتطابق في الآمال والأهداف.
وكنت أقول دائماً : إذا اتجه العون مباشرةً إلي الشعب زادت مساحة الحب، وتقاربت النفوس وازدهرت العلاقات. فكل اتفاقٍ بين بلدين في أي مجالٍ من المجالات لايشعر به الناس في هذا البلد أو ذاك، يبقي بروتوكولات وشكليات ينتهي مفعولها بعد توقيعها مباشرةً.. لأن أحداً من المواطنين لم يلمس جدواها ولم يستنشق هواها.
لا أحد ينكر ما قامت به بعض الدول العزيزة للشقيقة مصر من عونٍ لمسه المواطن المصري ولم يسقط من ذاكرته أنه مجسّد أمامه ليل نهار، يراه في غُدوه ورواحه.. ماثلاً في مدينة سكنية، أو مستشفي طبي، أو حتي في حافلاتِ نقل تحمل عبارات الإهداء وتجوب بها الشوارع والطرقات. وليس في هذا منٌّ أو أذي.. بل إشهار وافتخار بحبٍ متبادل بين شعبين باركته قيادات وقادة من كلا الجانبين.. وإن كانت مثل هذه الإهداءات تأتي في مناسبات أو علي فترات.. حتي جاء سلمان الملك، سلمان القائد وسلمان العاشق إلي مصر. ومعه مجلس وزرائه إلاقليلا، ومعه مهندس هذه المجموعة الراقية المتطورة، ولي ولي عهده الشاب محمد بن سلمان.. وتم توقيع هذه الاتفاقيات السبعة عشر كمرحلة قطاف توّجت ما سبقها من جهد وحرص علي مدار شهور لتكتمل هدايا سلمان إلي شعب العلم والنور والإيمان في جمهورية مصر العربية.
وكما خاطبته يحفظه الله في لقائي معه، بأنني أعلم ما يكنّه لمصر من حب وما يختزن في عقله من ذكريات غالية مصريه عزيزة، ومن اعتزاز وتقدير عميق لمصر أرضاً وتاريخاً وشعباً وقيادةً.
ومن المؤكد أن قائد مصر وزعيمها الرئيس عبد الفتاح السيسي قد لمس عن قرب مدي المكانة التي تحتلها مصر في قلب العاهل السعودي الكبير، فلم يتردد بإهدائه قلادة النيل أرفع وسام مصري.. ولم يتردد في إطلاق اسم الملك سلمان علي جامعة سيناء، ولم يتردد في إطلاق اسم الزعيم السعودي علي جسر المحبة التاريخي، بوابة التلاقي بين القارتين الأكبر أفريقيا وآسيا، ورمز العناق الدائم بين شعبي المملكة ومصر، وممر التنمية الدائمة بين البلدين الشقيقين. بعدما ابتُلِي العالم العربي بمصائب هدمت ركنين من أركانه الأربعة، فتهاوت العراق، وتبعثرت سوريا، ولم يبق إلا مصر والسعودية، تركز عليهما معاً الأمة كلها.. وهي تأمل أن يعينهما الله ليواصلا أمانة الحفاظ علي الهوية العربية.
ولقد عبرت آمال الأمة جمعاء بدءًا من يوم الخميس الماضي السابع من إبريل 2016، جسور المحبة لتعانق بصدق خادم الحرمين وزعيم مصر، ولتقول لهما ولمعاونيهما شكراً فقد عاد بكم بعد الله الأمل في عودة الأمة إلي ساحات الرجاء، بعدما تحطمت في الصدور العربية كثيرٌ من الأحلام التي غدت لهيباً مع نشوب ( الربيع العربي ) الذي خدعونا بإطلاق هذا المسمي الناعم عليه..
نعم لقد كانت الأمة في حاجةٍ ماسّةٍ لأن تري سلمان / السيسي علي منصة واحدة، وأن تراهما معاً. ليراهما العالم ليتأكد أن العرب أمةٌ غير قابلة للانكسار وقد وهبها الله مجتمعةً كل مقومات العزّة والكرامة وكل أدوات الانتصار. وكم هي رائعة هذه المناسبة التاريخية، وهي تجيء وأعداء الأمة في الداخل قبل الخارج كانوا يُعِدون ولائم الاحتفال فرحاً بما ظنوه ممكناً حين زرعوا كل الأسافين ليفوزوا بلحظة اختلاف كبري لا تُبقي للأمل بقية.
وكم كان الله رحيماً بهذه الأمة التي أرادها خير أمة.. حين قيّض لها زعيمين علي قلب واحد، ورجلين لهما هدف واحد، وقائدين يعملان لتحقيق أمل واحد. فكان السابع من أبريل لطمةً أفقدتهم توازنهم وردت كيدهم إلي نحورهم، وأصابتهم بالذعر والخذلان، خاصةً وهم يرون سلمان، في البرلمان، يخاطب كل شعب مصر عبر نوابهم، ويخاطبه شعب مصر مباشرةً عبر هؤلاء المختارين من أبناء مصر.
ولا أشك أنهم سيعودون إلي جحورهم مدحورين، فقد وقّع سلمان ورجاله سبع عشرة اتفاقية في مصر مع السيسي ورجاله بمباركة الشعب كله هنا وهناك. وليس هؤلاء هم المذعورون فقط، بل كل من كان يتربص بالإمة ويريد هلاكها علّه ينجو بعدما أدرك أن المؤامرات والمتآمرين قد كادوا يصلون إلي هدفهم الغادر.. ولكن الله الرحيم الكريم العظيم هو القادر، وهو القادر.
شكراً أيها الملك الجليل وشكراً أيها الرئيس الشجاع وشكراً لكل المخلصين من أجل هذه الأمة جمعاء.
وأرجو أن نحافظ علي هذه النعم بدوام الشكر.. وما دوام شكرها إلا بالعمل علي صيانتها ورعايتها، فالملك والرئيس وكبار رجالهما قدموا لنا كل هذا الخير، ومهّدوا لنا الطريق للعبور إلي تحقيق الأهداف.
ويبقي أن يستشعر المسئولون التنفيذيون كباراً أو صغاراً كلٌ في موقعه، أهمية دوره مهما كان بسيطاً، وقيمة إخلاصه في الأداء مهما كان فرعياً، فالنجاح منظومة متكاملة تبدأ من القيادة، ولكنها تتطلب من الجميع الضمير الحي والتنفيذ الواعي وقبل كل ذلك وبعده مراعاة الله وخوفه وتقواه. (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف