أنا أيضًا لم أقتلْه
كنت أرقُبُ السُّلَّمَ
يعلو كل يومٍ تحتَ قدمي
خاليًا!
فيما أجلسُ على ضفّةِ عَدْنٍ
أُلمِّعُ القَوْسَ وأُهذِّبُ العصا
وأحفرُ بالذهبِ حروفًا حول حافتِه.
أنا ابنةُ الآلهة
أعشقُ قَوْسي
لكنْ
لا أهوى قنصَ الجرذان!
كان يسرقُ كلَّ يومٍ مسمارًا
من كومِ النفاياتِ
أمامَ دكانِ الحدَّادْ،
وفى الليلْ،
يقرِضُ جذعَ شجرةِ ديونيسوس
فى نهاية الوادي.
فى عشرِ سنينْ
صنعَ سُلَّمًا،
وتطلَّعَ صوبَ السماءْ.
لكنّ حُراس الملكة
لم يقتلوه
ولا شُبِّهَ لهمْ.
لمْ يلحظوهُ أصلاً.
تذكَّرَ أحدُهم
أنْ لمحَ بقعةً سوداءَ صغيرةْ
تمرقُ من أمامِه ذات صباحْ،
لم يكترث
ويقولُ الآن:
«كأنه ظلُّ فأرٍ
أو ما شابه.»
واعترفَ آخرُ:
كنتُ أسمعُ كلَّ ليلٍ قبيل الفجرِ
دقاتٍ منتظمةً
وموسيقى سيجوريا
تشبِهُ إيقاعَ فتياتِ قادش
فى رقصةِ النشوةِ والحِدادْ.
لكننى لمحتُ
-عبرَ اختلاسةٍ من وراءِ الشيش-
شبحَ فأرٍ يدقُّ المِسمارَ برأسه
فضحِكتُ.
أما المرابى الأعمى فقد أقسمَ
أن رآه يخاصرُ امرأةً غيرَ موجودةٍ
فى جُحْرٍ تحتَ الأرضْ.
بعضُهم سمِعَهُ يجْدِلُ من ذَنَبِهِ أُنشوطةً،
ثم أجمعوا
أن أحدًا لمْ يرَه
غير أن ما أزعجَهم حقًا
كان ظلُّه
الذى يستطيلُ حين تتعامدُ الشمسُ
ويختفى حينَ تميلْ
فرجعوا إلى قوانينِ الطبيعةْ،
ثم قالوا :
- خداعٌ
بصريّ.
لكنهم
لم يقتلوه!
لم يلحظوه أصلا
فقلّما تُلحظُ الجرذان!
أنا أيضًا لم أقتلْه
كنت أرقُبُ السُّلَّمَ
يعلو كلَّ يومٍ تحتَ قدمي
خاليًا!
فيما أجلسُ على ضفّةِ عَدْنٍ
أُلمِّعُ القَوْسَ وأُهذِّبُ العصا
وأحفرُ بالذهبِ حروفًا حول حافتِه.
أنا ابنةُ الآلهة
أعشقُ قَوْسي
لكنْ
لا أهوى قنصَ الجرذان!
لقبى شرفيّ!
فالإغريق
- كما تعلمون -
مولعونَ بالتلقيبْ.
فى الليلةِ الأخيرةْ
سمعتُ صوتًا من بعيد:
«ديــاااااااانا»
خطوتُ خُطوة
وسمعتُ صرخة!
أَشْهَدُ يا ربّ الأربابْ
أشهدُ يا زيوس
أنهم ما قتلوه
ولا شُبِّه لهم،
إنما فعلَها
كعبُ حِذائي.