البديل
هيثم أبو زيد
حساسين في الاتحادية
الخطب جلل، والغضب الشعبي يتصاعد، والشعور بالإهانة والقهر يعم البلاد، لذا كان لابد للرئيس من لقاء ممثلي الشعب، ورموز الأمة، وعقولها المفكرة.. من هنا كانت الدعوة للسياسي الألمعي، والبرلماني اللوذعي، علامة الأعشاب الطبيعية، ورائد الخلطات السرية، الإعلامي المتين، سعيد سعيد سعيد خميس حساسين.. المعروف بعلومه الغزيرة، ووصفاته القوية الخطيرة.. لعله يقدم لأزمتنا الحلول، وبعدها يتغدى ويمشي على طول.

نعم شعب مصر.. فالرئيس، وبعد أن ادلهمت الأمور، وأغلقت في وجهه الأبواب، ورُفعت إليه التقارير، منذرة بانفجار شعبي بسبب التفريط في جزيرتي تيران وصنافير، وارتفاع الأصوات منادية بسقوط شرعيته، بل وبإسقاط حكمه، سيطرت على رأسه الحيرة، وأعياه السبب والوسيلة.. فسهر الليالي، يقلب الأمور على وجوهها، ويتأمل الأزمة من مختلف جوانبها.. فكان الجواب: إنه السعيد السعيد السعيد خميس حساسين.

إنه فكر وقدر.. فرأى أن ليس لها كاشفة إلا بالحساسين، عملاق البردقوش، والحبهان المجروش، معالج النحافة بالكمون المطحون، ومحارب السمنة بزيت الزيتون، الحامل للقب “دكتور” زروا وبهتانا، المتهم في قضايا النصب ألوانا.. فكأنما الجهل قد استعان بالجهل، والتخلف قد عانق التخلف.. وفتحت أبواب القصر للسعيد السعيد السعيد خميس حساسين.

فقتل كيف قدر.. إذ يصفه المركز المصري للحق في الدواء بأنه “من أهم المساهمين في تعزيز خداع المواطنين، وبيع الوهم لهم واستغلالهم عن طريق منتجاته التي سحبتها وزارة الصحة من الأسواق، وأغلقت مباحث التموين فروع بيعها في المحافظات، كما قدم جهاز حماية المستهلك عدة بلاغات ضد السعيد السعيد السعيد خميس حساسين.

ثم قتل كيف قدر.. فقد كان آخر محضر تم تحريره ضد الحساسين برقم 14157 حلوان بضبط 704 مستحضرات، والمحضر رقم 4907 نيابة أكتوبر بضبط عبوات زيت وأعشاب استعدادًا لبيعها للجمهور، كما اتهم في 10 قضايا رقم 10348 لسنة 2005 جنح مركز كرداسة تبديد وحبس سنة وكفالة 200 جنيه، والقضية رقم 10348 لسنة 2005 جنح مركز كرداسة تبديد حبس سنة وكفالة 100 جنيه، والقضية رقم 161 لسنة 2007 جنح الأميرية حبس شهرين والقضية رقم 1447 لسنة 2008 جنح مركز كفر الشيخ ابتزاز أموال، والقضية 25555 لسنة 2007 جنح مركز كفر الشيخ خطف شخص، والقضية 15104 لسنة 2010 جنح مركز كرداسة حبس عامين وكفالة 300 جنيه، والقضية رقم 2622 لسنة 2011 جنح أول أكتوبر حبس سنة وكفالة 100 جنيه، والقضية رقم 8470 لسنة 2013 جنح أول أكتوبر حبس سنة وكفالة 500 جنيه وغرامة 10 آلاف جنيه، والقضية رقم 5829 لسنة 2013 جنح ثاني الزقازيق وغرامة 500 جنيه والمصادرة والمصاريف.. كل هذه قضايا اتهم فيها السعيد السعيد السعيد خميس حساسين.

ثم نظر.. فرأى أن الحساسين من قادة البرلمان المنتخبين، ومن أعضائه الغر الميامين، الذين جاؤوا عبر انتخابات حرة نزيهة رعتها الأجهزة الأمنية، وأقصت منها المخالفين والمعارضين، وحذفت قوائم بـأكملها بحجج إجرائية واهية، فجاء هذا البرلمان الحساسيني، يضم تلك الوجوه التي يعشقها الشعب المصري، لكفاءتها وحسن خلقها وغزارة علمها، من أمثال مرتضى منصور، ونجله، ومصطفى بكري، رائد الثبات على المبدأ في مصر، واللواء حمدي بخيت، أعظم العقول الاستراتيجية في العالم.. وبالطبع، السعيد السعيد السعيد خميس حساسين.



ثم عبس وبسر.. فقال هو الحساسين، مفرج الكروب والأزمات، وواصف المراهم واللبخات، مستخرج الدواء من السم الزعاف، والمتصدي لترهل الكرش والأرداف.. أمثل هذا يهمل؟ أمثله ينسى ويترك؟ كلا وحاشا، فتلك عقول تحتاجها مصر، لاسيما في الملمات والأزمات.. وفي أوقات الشدة نستعين بالجميع ولو كانوا من أرباب السوابق، وقد استعنا من قبل باللواء عبد العاطي، صاحب جهاز الكفتة، فلا مانع أن نستفيد من خبرة فاتح الأبواب، وعلامة الأعشاب، السعيد السعيد السعيد خميس حساسين.

ثم أدبر واستكبر.. فقال محدش يفتح موضوع الجزيرتين تاني، خلاص، أنا قابلت الحساسين، وما دام الحساسين فهم الموضوع يبقى نقفل ونسكت، ونشتغل وننتج، ونلتفت بقى للمشروعات المهمة، والإنجازات الضخمة: جهاز عبد العاطي، مشروع القناة الجديدة، مؤتمر شرم الشيخ الأول (والأخير)، العاصمة الجديدة، المليون ونصف فدان، الجسر بين مصر والسعودية اللي هايجيب 200 مليار دولار سنويا، وأي مشكلة تقابلنا أو عقبة تعترضنا، فيمكن على الفور أن نلتقي بالفتى الحبوب، الملهم الموهوب، السعيد السعيد السعيد خميس حساسين.

وختاما، فقد أرسلها الرئيس الزعيم القائد كلمة مدوية في سمع الزمان، تنقش على أحجار المعابد، وتكتب بماء الذهب، وتعلق على أستار الكعبة، إذ قال صائحا: “أمي علمتني ما أبوصش لحاجة في إيد حد.. حتى لو كانت الحاجة دي أبويا”.. لا فض فوك يا بطل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف