قلت منذ يومين إننا درسنا في المدرسة الابتدائية في الستينيات أن تيران سعودية، وقلت قد تكون بالفعل سعودية، لكن الحكومة المصرية عندما أثارت موضوع اتفاقية تعيين الحدود لم تعلن لنا وثائق تؤكد أنها سعودية، وأن جميع ما أعلنت عنه مجرد مكاتبات بين السعودية ومصر، أقدمها يعود لسنة 1988، تحاول فيها المملكة استنطاق مصر بأن الجزيرتين تتبعان السعودية، وطالبت الحكومة فى المقال بأن تقدم لنا مستندات تؤكد ملكيتها للمملكة.
قبل يومين اجتمع الرئيس السيسى بمجموعة من المواطنين والإعلاميين، وانتظرت أن يوضح لنا الصورة، وأن يستمع إلى استفسارات وهواجس المواطنين عن الجزيرتين وعن قضية الشاب الإيطالي، لكن للأسف لم يقل الرئيس جديدا، وحمل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى مسئولية إفساد علاقات مصر مع البلدان الصديقة، وقال نحن اعتمدنا على أرشيف وزارتي الخارجية والدفاع، وأرشيف المخابرات العامة، وتساءل(وسؤاله بالطبع فى محله) هل يعقل أنه لا يوجد واحد فقط وطنى فى الخارجية والدفاع والمخابرات؟، هل لا يوجد بينهم من هو موضع ثقة؟، وطالب وسائل الإعلام بأن تغلق هذا الملف لكى لا يفسدوا علاقة مصر بالمملكة وشعبها.
لا أخفى عليكم كنت أنتظر أن يقوم الرئيس فى لقاء كهذا بأن يستعين بصور بعض الوثائق التى تنسب الجزيرتين للمملكة، وأن يتخذ اللقاء شكل الحوار بينه وبين الحضور، وألا تخرج الأسئلة عن قضيتي الجزيرتين ومقتل الشاب الإيطالي، لأنه ما الفائدة من لقاء ذهب إليه الحضور للاستماع فقط؟، فقد كان الأفضل لهم ان يجلسوا أمام التليفزيون ويستمعوا للرئيس كما فعلنا نحن؟.
على أية حال الرئيس أحالنا جميعا إلى وثائق الخارجية والدفاع والمخابرات العامة، ونحن بالطبع لا نشكك فى أى جهة، لكن ما ننتظره أن تكشف لنا هذه الجهات عن الوثائق التي اعتمدوا عليها فى قرارهم، خاصة وأن أحد الباحثين قد نشر بعض الوثائق المنسوبة لوزارة الدفاع وللمخابرات وللمساحة وللخارجية، يعود بعضها للعشرينيات والخمسينيات من هذا القرن، وجميعها تؤكد أن الجزيرتين تتبعان الحكومة المصرية.
فى عام 1928 صدرت مكاتبة من وزارة الحربية والبحرية إلى وزارة الخارجية المصرية تستفسر فيها عن الجزيرتين: هل تتبعان المملكة المصرية لرفع العلم المصرى عليهما، وفى يناير 1950 تكررت نفس المكاتبة من وزارة الحربية إلى وزارة الخارجية، وجاء رد الخارجية بالتالي: بالإشارة إلى كتاب الوزارة رقم 3 سرى المؤرخ 16 يناير 1950، بشأن ملكية جزيرة تيران الواقعة عند مدخل جزيرة العقبة، أتشرف بأن أبعث إلى سعادتكم مع هذا صورة من كتاب وزارة المالية رقم ف 219 ـــ 1/4 الذى يتبين منه أن هذه الجزيرة تدخل ضمن تحديد الأراضى المصرية».
وفى عام 1943 صدرت مكاتبة من مصلحة الحدود المصرية التابعة لمكتب المخابرات المصرية إلى مدير مكتب وزير الدفاع، مرفقاً معها خريطة من المساحة المصرية لمنطقة سيناء مع خليج العقبة، يظهر فيها تبعية تيران وصنافير إلى السيادة المصرية».
المؤكد أن صور هذه الوثائق، إن لم يكن أصولها، ضمن أرشيف الخارجية المصرية، ووزارة الدفاع، والمخابرات العامة، لهذا فهذه الجهات مطالبة بأن توضح لنا حقيقة هذه الوثائق المنسوبة إليها.