لا نعرف لماذا تم استدعاء د. مفيد شهاب من كتب التاريخ؟، وما هى قيمة شهادته فى واقعة تيران وصنافير؟، هل لأنه سبق وشارك فى فريق د. وحيد رأفت رحمة الله عليه الذى أعاد لنا طابا؟، هل ظن صناع القرار أن شهادته هذه قد تميل كفة سيادة المملكة للجزيرتين؟
لا نظن أن شهادة د. مفيد شهاب فى واقعة تيران وصنافير مفيدة أو ذات قيمة، خاصة أن شهادته جاءت على الغائب المجهول الذى لم نره، ومفيد وغيره من أساتذة القانون يعلمون جيدا أن الشهادة الشفوية فى قضايا تعيين أو ترسيم الحدود لا قيمة لها، فلماذا إذن تم استحضاره؟، ولماذا تبرع بشهادة لا قيمة لها؟
مع كامل احترامنا وتقديرنا للرئيس ولمفيد شهاب ولقيادات الدفاع، والمخابرات، والخارجية، فقضية تيران وصنافير يعوزها الوثائق التى تؤكد تبعيتها للمملكة، والاستشهاد بوثائق أرشيف المخابرات، والدفاع، والخارجية دون الكشف عن هذه الوثائق وقيمتها التاريخية والقانونية، هو حديث عن الغائب المجهول، أو أنه كلام فى الفراغ والهواء الطلق لا يثبت سيادة، ولا يحسم نزاعًا، مثله كشهادة د.مفيد شهاب التى أقامها على الغائب، الذى قد يكون حقيقة أو ضربًا من الخيال، ونظنه ضربًا من الخيال.
المؤكد أننا لا نمانع تبعية الجزيرتين إلى المملكة، ولن نمانع أبدا فى إعادتهما، لكن هذا يتوقف على قيمة المستندات التى تثبت ذلك، وإلى أن تكشف الحكومة عن هذه الوثائق، نذكر أن الوثائق التى سبق وكشفت عنها الحكومة المصرية، لتؤكد للشعب المصرية سعودية الجزيرتين، ليست سوى (كما سبق وأوضحنا فى مقال سابق) أوراق لا ترقى لمستوى الوثيقة التاريخية، مجرد خطابات تحاول فيها المملكة خلق واقع غير موجود.
وللأمانة فإن اتفاقية 1906 تعد الوثيقة الوحيدة من بين الأوراق التى استعانت بها الحكومة، ومع هذا فهى لا تتضمن تعيين الحدود البحرية، وإن كانت تمنح مصر سيادة على كامل خليج العقبة.
فى المقابل مصر تمتلك العديد من الوثائق التى تؤكد سيادتها على الجزيرتين، أهم هذه الوثائق اتفاقية كامب ديفيد، وقد تناولت الجزيرتين تناول سيناء، فوضعتهما تحت الفقرة (ج)، وجعلتهما منزوعتى السلاح، وتخضعان فى إدارتهما لرجال الشرطة المصرية، ونتذكر جميعا أيامها رفض القادة العرب فكرة الصلح مع إسرائيل، واتهموا السادات رحمة الله عليه بالخيانة، وعقدت قمة عربية فى بغداد، وأكد القادة العرب فى القمة رفضهم لكامب ديفيد، واتفقوا على مقاطعة مصر، واللافت أن قرارات القمة لم تتضمن أية إشارة إلى الجزيرتين، حيث كان من المتعين (والكلام على تبعيتهما للمملكة) أن تصر المملكة خلال القمة على إدراج بند فى القرارات يثبت سيادتها على الجزيرتين، وتقر فيه القمة بعدم خضوعهما إلى شروط كامب ديفيد لوقوعهما تحت سيادة المملكة وليس السيادة المصرية، لكن القمة لم تذكر كلمة واحدة عن الجزيرتين، وهو ما يعنى أن قادة القمة العربية، بمن فيهم ملك المملكة العربية السعودية آنذاك، قد أقروا جميعا بسيادة مصر على الجزيرتين.