لويس جرجس
الشــــــفافية هــــــــي الحــــــــل
حمل عنوان مقال الأسبوع الماضي في هذا المكان تساؤلاً هو "من يفتعل الأزمات؟" وفيه تعليق علي أزمة وقعت بين وزير الشئون القانونية ومجلس النواب وبين نقابة الصحفيين حول تصريحات نشرت علي لسان الوزير ردت عليها النقابة ببيان شديد اللهجة بعدها أصدر الوزير بيانا ينفي ما نسب إليه. نشبت الأزمة بسبب تباطؤ الوزير في الرد وتسرع النقابة دون التأكد من صحة التصريحات.
ظل التساؤل مطروحا إلي أن أجابت عليه الأحداث اللاحقة حيث فوجئنا بأزمة أخري أكبر وأخطر تتعلق بالسيادة الوطنية و"التفريط في الأرض" وعشنا وسط تبادل وثائق متباينة ومعلومات وشائعات ووجهات نظر حول موضوع جزيرتي تيران وصنافير وفي رأيي ان الأزمة نشبت واشتعلت علي كل الأصعدة بسبب وحيد وهو الغموض وغياب الشفافية والسرعة في الرد علي المتداول في الإعلام بكل أنواعه الرسمي والخاص. الورقي والالكتروني وأيضاً إعلام التواصل الاجتماعي وهو الأكثر أهمية في الوقت الحاضر حيث يتابع الأحداث لحظة بلحظة وحيث يمتليء بكل ما يخطر علي البال من معلومات وحقائق وشائعات ومغالطات سواء التي تقال بحسن نية أو بسوئها. كل هذا يؤدي إلي "لخبطة" الرأي العام وتوهان الحقيقة حيث أصبح في إمكان أي فرد أن يفتح حسابه صباحا ويكتب ما بدا له فيتداوله أصدقاؤه في الوسيلة فوراً ويتم "تشييره" لينتشر في غمضة عين بين آلاف المتعاملين دون تأكد من صدقية المعلومات.
وسط هذه الأمواج المتلاطمة من المواد المتداولة يجد كل صاحب غرض المجال مفتوحاً أمامه لنشر ما يريده من أفكار وآراء بكل سهولة ويسر مع ضمان كامل للنشر علي أوسع نطاق وفي أسرع زمن.
مرة أخري فإنه وسط كل هذه الأمواج المتلاطمة ثمة ضامن واحد فقط لانتشار المعلومة الصحيحة وتبادل الآراء بناء عليها. انها الشفافية من الجانب الرسمي المعني بالقضية المتداولة فلو توافرت الشفافية ـ وتعني إيماناً عميقاً بحق الشعب في المعرفة وتكوين رأي عام بناء علي الحقائق ـ لما ترك المجال لتداول معلومات خاطئة أو مضللة ولبقيت مهمة التواصل الاجتماعي في حدودها المفترضة وهي التقريب بين البشر وإبداء الرأي وتبادل وجهات النظر بناء علي المعارف المؤكدة والصحيحة فقط.
مرة أخري الشفافية من جانب الأجهزة الرسمية مع إيمان تام بحق الرأي العام في الاطلاع علي ما يجري هو الضامن الوحيد لعدم تكرار الأزمات.
لقطة :
تخل غداً "17 ابريل" الذكري الـ 23 لوفاة عاشق مصر الجغرافي والمثقف الموسوعي جمال حمدان الذي أفني عمره في تحليل شـــخصية مصـــر من كل جوانبها. حينما تناول حمدان سيناء في 260 صفحة من القطع الصغير "كتاب الهلال ـ يونيو 1993" أنهي حديثه عـــنها بمـــقارنة بين خليجي العقبة والسويس وكانت المقارنة لصالح الأخير من ناحية الثروة المعدنية والاختلافات البشــــرية والعــمرانية علي شواطئهما ويختم بالقول: "إن السويس خليج مصري كله. بينما إن العقبة نصف مصري نصف سعودي أساساً".