آخر ساعة
مأمون غريب
مجرد خواطر .. العقاد وحب الحياة
عندما جلست لأعيد قراءة بعض الفصول التي كتبها الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد عن سيرته الذاتية في كتابه (أنا).. لفت نظري ما كتبه الأستاذ طاهر الطناحي عن هذه السيرة في مقدمة هذا الكتاب حول سؤال سأله للأستاذ العقاد وكان في السبعين من عمره.
- هل لا تزال تحب الحياة اليوم كما تحبها بالأمس؟
فقال العقاد : لم يتغير حبي للحياة، ولم تنقص رغبتي في طيباتها، ولكنني اكتسبت صبرا علي ترك مالابد من تركه، وعلما بما يفيد من السعي في تحصيل المطالب وما لا يفيد وزادت حماستي الآن لما أعتقد من الآراء، ونقصت حدتي في المخاصمة عليها، لقلة المبالاة بإقناع من لايذعن للرأي والدليل.. وارتفع عندي مقياس الجمال، فما كان يعجبني قبل عشر سنوات لا يعجبني الآن، فلست أشتهي منه أكثر مما أطيق. كنت أحب الحياة كعشيقة تخدعني بزينتها الكاذبة وزينتها الصادقة، فأصبحت أحبها كزوجة أعرف عيوبها وتعرف عيوبي.. لا أجهل ما تبديه من زينة وما تخفيه من قبح ودمامة، إنه حب مبني علي التعرف والفهم.
والحياة بمعناها ولفظها حياة، سواء رضينا أم لم نرض.
وهي خير من الموت، وقد نظمت أبياتا في هذا المعني فقلت:
قالوا الحياة قشور
قلنا فأين الصميم
قالوا (شقاء) فقلنا
نعم فأين النعيم
إن الحياة حياة
ففارقوا أو أقيموا
وكان طاهر الطناحي الذي يعرف العقاد عن قرب يقول عنه:
لم يكن العقاد يتشاءم من شيء في الحياة مطلقا، فقد كان يتحدي التشاؤم ولايؤمن به، حتي أنه كان يتحدي رقم 13 الذي يتشاءم منه الكثيرون، فكان يسكن منزلا بمصر الجديدة يحمل هذا الرقم، وكان الرقمان الأولان من تليفونه هما 13.. وقد بدأ ببناء منزله بأسوان يوم 13 مارس، وقسم كتبه إلي 13 قسما، واحتفظ بتمثال (للبومة) كان يضعه علي مكتبه.. ومن الغريب أنه دفن في أسوان يوم 13 مارس.
وكان العقاد ـ كما يقول طاهر الطناحي يكره الموت ولايخشاه ونقل عنه قوله: إذا فاجأني الموت في وقت من الأوقات، فإنني أصافحه ولا أخافه بقدر ما أخاف المرض.. فالمرض ألم مذل لايحتمل، لكن الموت ينهي كل شيء!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف