التحرير
ناصر عراق
​هل يفخر النظام بمظاهرات جمعة الأرض؟
لو كنت مكان النظام الحاكم لاستثمرت الطاقة الجبارة التي يختزنها الشعب المصري ودفعته للانطلاق في مظاهرات جمعة الأرض أمس، ولو كنت مكان النظام لفرحت لأن الشعب الذي أحكمه يتمتع بحيوية فياضة جعلته بواجه خطر البطش الأمني بقلوب جسورة دفاعًا عن قطعة عزيزة من أرضه انتزعوها منه بليل ودون سابق إنذار.

لقد أثبت المصريون أنهم شعب يعشق وطنه إلى حد العبادة، فلمَ لا يحاول النظام الحاكم أن يبني على هذا العشق صرح العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان؟ ولماذا لا يعترف النظام أنه أخطأ في موضوع الجزيرتين، وأنه سيعيد التفكير فيما جرى، وأمامه فرصة ذهبية إذا (سمح) لمجلس الشعب أن يرفض الموافقة على التنازل عن الجزيرتين!

من أسف أن يرى المرء رجلاً رفعه الشعب على الأعناق قبل سنوات قليلة جدًّا ومنحه التوفيض لمواجهة الإرهاب، لكن الأمور أفلتت منه أو كادت عندما لم يتمكن من اكتشاف سر جوهر الشعب المصري، وظن أن التفويض دائم إلى ما لا نهاية!

العدالة الاجتماعية والحفاظ على الأرض واحترام كرامة الإنسان هي الثالوث المقدس لمن يريد أن يحكم هذا الشعب دون قلق، فإذا تمكن النظام من تحقيق قدر معقول من هذا الثالوث اطمأن على حاضره ومستقبله وتمتع بممارسة السلطة غير خائف!

نسي النظام أن ثورة يناير ليست ببعيدة، وأن أحلام الناس التي ثارت ضد مبارك وزبانيته لم تتحقق بعد، وأن الشوق إلى العدالة لا ينطفئ أبدًا، وإذا كان هذا النظام قد استجاب للغالبية العظمى من الشعب وشاركهم في الإطاحة بالجماعة المشبوهة التي تتاجر بالدين، فليس معنى ذلك أن يقبل الناس الظلم والطغيان والتفريط في الأرض!

لا أدري... هل يدرك النظام الترتيبات التي تعدها القوى الكبرى بمعاونة إسرائيل ودول إقليمية بشأن إعادة خرائط المنطقة بما يسمح لهذه القوى باستنزاف المزيد من ثروات الشعوب والسيطرة عليها؟ ولا أعرف كيف يمكن لحكومة أن تتنازل عن قطعة من أرضها ذات موقع استراتيجي حاسم دون أن تخبر شعبها بذلك؟

لكن ما أعرفه جيدًا أن مظاهرات جمعة الأرض تمثل إشارة إنذار بالغة الخطورة للنظام، فليته ينتبه ويتعظ، فالفرصة ما زالت أمامه ليعيد صياغة علاقته مع الشعب بصورة أفضل بعد أن أهدرها بشكل مؤسف منذ أن آلت إليه السلطة، ثم جاءت مأساة تيران وصنافير لتزلزل عرشه وتهدد استمراره!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف