حمدا لله جاء خطاب الرئيس السيسى يوم الأربعاء الماضى بوصفه الضرورة الملحة التى كان يحتاجها كل مصرى لتوضيح الإعلان المفاجئ يوم الجمعة قبل الماضى عن ضم الجزيرتين «تيران» و«صنافير» إلى السعودية. لقد بادر الرئيس السيسى بالتأكيد على أن الموضوع الخاص بالجزيرتين سيتم إحالته لمجلس النواب والذى من حقه أن يمرر الاتفاق أو لا يمرره. وأوضح الرئيس فى خطابه أن السبب فى عدم تداول الموضوع من قبل هو الحرص على عدم إيذاء الرأى العام.
وليسمح لى سيدى الرئيس لأقول له عفوا إن حجب الموضوع والإعلان المفاجئ عنه بلا مقدمات هو الذى أدى إلى توتر الرأى العام وفتح المجال لإثارة اللغط والجدل، فالمفروض فى مثل تلك القرارات أن يتم التمهيد لها سلفا بشرح أبعادها وتقديم الأدلة التى توثقها. أما الإعلان المفاجئ فلقد ولد انطباعا لدى البعض بأن القرار قد اتخذ بليل وأن مصر قدمت الجزيرتين على طبق من ذهب للسعودية مقابل عطاءات مجزية ستقوم المملكة بمنحها للدولة كى تقيلها من عثرتها الاقتصادية. بل سارع البعض ففسر الموقف المصرى بأنه ينم عن ضعف سياسى وحاجة ماسة للدعم الاقتصادى، وأن السعودية اختارت التوقيت المناسب لها واستغلت مرور مصر بأزمات فى الداخل والخارج لتفوز بالوليمة. لهذا كان يتعين على الحكومة المصرية عدم إعلان التنازل عن الجزيرتين دون الرجوع إلى البرلمان واعتماد موافقته على القرار لا سيما وأن الجزيرتين تمسان الأمن القومى المصرى. أخذا فى الاعتبار أهمية الجزيرتين حيث تحتلان موقعا استراتيجيا للغاية لوقوعهما عند مصب خليج العقبة. وتكمن أهميتهما فيما تحققاه من سيطرة استراتيجية على مدخل خليج العقبة المشرف على أربع دول هى: مصر والسعودية والأردن وإسرائيل.
عنصر المفاجأة هو الذى أدى إلى إثارة اللغط لا سيما أن الكثيرين فهموا أن مصر هى المالكة للجزيرتين وأن ما حدث هو تنازل عنهما للسعودية بدافع الحاجة، وأن اتخاذ مبادرة الاعلان المفاجئ عن الاتفاق يعد انتهاكا للدستور وخرقا لقواعده لأن إبرام المعاهدات والمصادقة عليها إنما يأتى بعد موافقة مجلس النواب.
الغريب ردة الفعل الإسرائيلى على الاتفاقية، فلم تعترض ولم تحتج بل على العكس أظهرت ارتياحا حيال ما تم وأكدت أن الخطوة تمت بموافقتها. وسارع وزير دفاعها «موشيه عيالون» ليقول: إن المؤسسة الأمنية الصهيونية لا تعارض. لقد توصلنا إلى اتفاق بين أربعة أطراف وهى السعودية ومصر وإسرائيل وأمريكا، وأنه بمقتضى الاتفاقية سيتم نقل المسؤولية عن الجزر لتحل السعودية مكان مصر فى الملحق العسكرى لاتفاقية كامب ديفيد ــ التى وقعت عام1979 ــ باعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية مفتوحة أمام حرية الملاحة البحرية والجوية). بل إن إسرائيل وجدت أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية فرصة لها للتقارب مع السعودية وجاء هذا على لسان «تساحى هنغبى» رئيس لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست مشيرا إلى أن السعودية ملتزمة بحرية الملاحة ولن تلحق الضرر بجوهر الاتفاق. وأضاف قائلا: (نحن مهتمون بتوسيع نطاق التعاون الإقليمى فى مواجهة المحور الذى تتزعمه إيران)!!
شكرا سيدى الرئيس السيسى لخطابكم يوم الأربعاء الماضى الذى حسم الموقف ووضع النقاط فوق الحروف بالنسبة للقضية وبعث برسالة مجلوة حولها للرأى العام.وفقكم الله لما فيه الخير وحفظ الله مصر شعبا وقيادة. وتحيا مصر تحيا مصر..